ثمّ إنّه هل يراد به خصوص الوجهين المذكورين أو يعمّ ما إذا كان أصل الصرف معصية وإن كان المصروف فيه طاعة في نفسه؟ كما إذا صرف المال في وجه مباح مع مطالبة الديان وعدم قدرته على الوفاء من غيره ، فإنّه مع تعيّن الصرف في قضاء الدين يحرم عليه الصرف المذكور ، فالصرف حرام وإن كان المصروف فيه مباحا في نفسه ؛ وجهان أظهرهما الأوّل ؛ لانصراف الإطلاق إليه وعدم ظهور الثاني منه في المقام.
ثالثها : إنّ الغارمين صنفان :
أحدهما : الذين استدانوا لمصالح أنفسهم من طاعة كحج وزيارة ، أو مباح كأكل ولبس ونحوهما.
ثانيهما : من استدانوا لمصلحة غيرهم كأن تحمل حالة لإطفاء نائرة الحرب ودفع الفساد بين الناس ، أو يدفع الدية كذلك ، أو يتحمل غرامة متلف كذلك ، ونحو ذلك.
فالكلام هنا في مقامين :
أمّا الأوّل فيقتصر في مستحقه الفقر بإجماعنا كما في الخلاف (١) والغنية وظاهر التذكرة (٢) ، وباجماع أهل العلم كافة كما في المبسوط (٣).
ويدل عليه مضافا إلى ذلك أنّ الزكاة إنّما شرعت لسدّ الخلّة ودفع الحاجة ، وما ورد في الأخبار من عدم حلّ الصدقة للغني.
ويمكن المناقشة في الأوّل بالمنع من كون وضع الزكاة لسد الخلّة بالنسبة إلى جميع مصارفها ، كيف ويجوز دفعها إلى الغارمين والمؤلفة مع الغناء. ولو سلّم فغاية الأمر اعتبار عدم المكنة من الأداء ، وهو لا يستلزم الفقر ؛ إذ قد يكون صناعة وافية بنفقته من غير زيادة عليها. وحينئذ يكون غنيّا مع عدم قدرته على وفاء الدين.
وفي الثاني : بأنّ المراد منها كأنّه خصوص سهم الفقراء والمساكين ؛ إذ لا يعتبر الفقر في
__________________
(١) الخلاف ٤ / ٢٣٥.
(٢) تذكرة الفقهاء ٥ / ٢٥٨.
(٣) المبسوط ١ / ٢٥١.