وجواز الدفع من جهة علمه بالفحوى أنّه سيجيزه لا يستلزم صحّة العقد من دون الإجازة ليقوم ذلك مقام التوكيل ، فلا مانع من توقف العقد على الإجازة وجواز تصرفه في المال بالدفع إلى البائع أو المشتري من جهة علمه بلحوق الاجازة.
وقد يقال : إنّه قد يكون الواقع منه مجرّد الإباحة دون البيع الناقل للعين ، فيكتفى فيه بمجرّد العلم الحاصل من الفحوى ، فلا دلالة فيه على المدّعى.
ويدفعه أنّ الظاهر من قوله صلىاللهعليهوآله : « بارك الله في صفقة يمينك » (١) خلاف ذلك هو المعتضد بفهم المعظم ، فقيام ذلك الاحتمال لا ينافي الاحتجاج بالظاهر.
ومنها : صحيحة محمد بن قيس ، وقد رواها المشايخ الثلاثة : قضى علي عليهالسلام في (٢) وليدة باعها ابن سيدها وأبوها غائب ، فاشتراها رجل فولدت منه غلاما ثمّ قدم سيّدها الأوّل ، فخاصم سيّدها الأخير فقال : هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني ، فقال : خذ وليدتك وابنها ، فناشده المشتري فقال : خذ ابنه يعني الذي باعك الوليدة حتّى ينفذ لك ما باعك ، فلمّا أخذ البيع الابن قال أبوه : أرسل ابني ، قال : لا والله لا أرسل ابنك حتّى ترسل ابني ، فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز مع ابنه (٣).
ودلالتها على المدّعى ظاهرة.
وقد يورد عليها تارة بدلالتها على صحّة العقد بالإجازة بعد حصول الرّد ، وهو خلاف الإجماع ، فما دلّت عليه لا قائل به ، ولا دلالة فيها على الصحّة ؛ لحصول الاجازة قبل الردّ كما هو المدّعى.
ودلالتها حينئذ على الصحّة قبل الردّ بالأولى لا معوّل عليها بعد بطلان الأصل وعدم إمكان الأخذ به ؛ فإنّ ثبوت اللازم إنّما يكون بعد ثبوت الملزوم ، فمع القطع بعدمه لا معنى لثبوت لازمه ، فلا بدّ من طرح الخبر من أصله.
__________________
(١) عوالى اللئالي ٣ / ٢٠٥.
(٢) زيادة « في » من ( د ).
(٣) الاستبصار ٣ / ٢٠٥ ، باب أن الولد لاحق بالحر من الأبوين أيهما كان ح ٩.