عطف ذلك على قوله : « فليس عليه لما مضى زكاة » ، فالظاهر منه حينئذ اعتبار الحول بعد البلوغ كما لو قيل : « إذا وصل إليك المال الغائب منك لم يكن فيه زكاة إلى أن يحول عليه الحول » فإنّ المستفاد منه عرفا اعتبار حلول الحول بعد الوصول إليه ، فكذا الظاهر في المقام.
على أنّ عدم ثبوت الزكاة في بقية الحول أمر ظاهر بعد اعتبار الحول. ولم يرد ذلك في مقام بيان أصل اعتبار الحول حتى يصرف الكلام المذكور إليه ، فحمله عليه في كمال البعد.
وقوله : « وكان عليه مثل ما على غيره من الناس » توضيح للحكم المذكور وبيان لحكمه في سائر السنين والأعوام.
وقد يجعل قوله : « وليس عليه ... لما يستقبل » أو ما في مقامه جملة مستأنفة ، ويحمل الإدراك على البلوغ ، فالمعنى أنّ اليتيم ليس عليه لما يأتي زكاة إلى أن يبلغ ، فاذا بلغ كانت عليه زكاة واحدة ، فإذن لا دلالة فيها على ما ذكرنا ، بل ربّما يدل على خلافه.
وحينئذ يكون قوله : « وكان عليه مثل ما على غيره من الناس » بيانا لحكمه بالنسبة إلى ما بعد ذلك.
وهذا الوجه أنسب بما في الرواية الثانية من قوله : « ثمّ كان عليه مثل .. » إلى آخره ، إلّا أنّ حملها على ذلك يقضي بالمعارضة بين ذيل الرواية وصدرها.
ومع ذلك فحمل (١) تلك الجملة على الاستيناف في كمال البعد ، والحكم المشتمل عليه ممّا لم نقف على قائل به ، فلا وجه لحمل الرواية عليه.
ولا يذهب عليك أنّه بعد دلالة الرواية المذكورة على اعتبار الحول بعد البلوغ يظهر منه الحال في المجنون أيضا ؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك ، فبملاحظة ما ذكرنا يتّضح الحال في المقام سيّما بعد إطباق الأصحاب عليه في ظاهر كلماتهم.
وقد صرّح به جماعة من غير خلاف يظهر فيه عدا ما أشرنا إليه ، فتأمل.
خامسها : ألحق في التذكرة (٢) والنهاية (٣) الإغماء بالجنون ، فلو طرأ عليه حال تعلّق
__________________
(١) في ( د ) : « فيحمل ».
(٢) تذكرة الفقهاء ١ / ٢٠١.