وربّما يتخيّل أيضا اعتبار تصرف المشتري فيه في الجملة حتّى يتحقّق قبضه في العرف.
والجميع بمعزل عن التحقيق كما لا يخفى على المشهور.
ويدلّ على فساد الأخير أنّه مخالف لما أطبق عليه الكلّ ؛ إذ لم نر اعتباره في كلام أحد منهم ولا نقله نافل في القمام وغيره ، والاجماعات المحكيّة وفتاويهم المتطابقة تنادي بفساده.
وما ادّعي من عدم صدق القبض عرفا من دون ذلك مثله في الفساد ؛ إذ لا توقّف لصدق القبض على التصرف قطعا ، أقصى الأمر اعتبار قبوله للتسليط الواقع من الآخر وملاحظة نفسه مسلّطا على المبيع ، وأين ذلك من اعتبار التصرف فيه؟.
ثمّ إنّ الظاهر من كلام جماعة من الأصحاب أنّه مع تحقّق التخلية على الوجه المذكور يتحقّق القبض من غير فرق بين ما إذا كان المبيع حاضرا عندهما أو غائبا كائنا في بلد المبايعة أو في بلد آخر قريبا كان أو بعيدا.
واتّجه الشهيد الثاني (١) فيما لو كان المبيع بعيدا جدا بحيث يدلّ العرف على عدم صدق قبضه بالتخلية كما لو كان ببلاد أخرى اعتبار مضيّ زمان يمكن فيه وصول المشتري أو وكيله إليه.
وأنكر ذلك بعض المتأخرين كما يظهر من إطلاق آخرين حيث اكتفوا في صدق القبض في المقام بمجرّد التخلية.
وهو الظاهر من إطلاق الإجماعات المحكيّة.
وأنت خبير بأنّ بعد المبيع عن المتبايعين إن كان قاضيا بعدم صدق القبض فمضيّ الزمان المفروض ممّا لا يثمر صدقه أصلا ؛ إذ مع عدم مضيّ المشتري أو وكيله في تلك المدّة أيّ (٢) تفاوت بين مضي المدّة المفروضة وعدمه.
نعم ، لو اعتبر فيه مضيّ المشتري أو وكيله أو توكيله أحدا هناك اتّجه الفرق إلّا أنّه لم يقل به ، ولا يظهر اعتباره من غيره أيضا ، فاتّجه بذلك عدم اعتبار الأمرين.
__________________
(١) مسالك الإفهام ٣ / ٢٤٠.
(٢) زيادة : « أي » من ( د ).