أمّا ما ذكره فبما عرفت ، وأمّا الثاني فلعدم ظهور قائل به ، بل الظاهر من العرف عدم الفرق بينه وبين التخلية المتعلّقة بالملك الّذي في مادة المبايعة ، فإذا ثبت صدق القبض بالتخلية فيما إذا كان المبيع حاضرا ثبت بالنسبة إلى البعيد أيضا.
نعم ، قد يحصل فرق بين الصورتين فيما إذا كان المبيع في البلد النائي (١) في يد وكيل المالك ، فإنّه على ما مرّ يتوقف حصول التخلية على ارتفاع يد الوكيل عنه أيضا بمجرّد رفع (٢) الموكّل يده من دون علمه بالحال لا يقضي بارتفاع يده ، فيتوقف حصول التخلية على إيصال الخبر إليه وقبوله ذلك ، وهو أمر آخر.
فلو لم يكن المبيع إلّا في يد البائع من غير أن تكون عليه يد آخر ولو تبعا ليده أو كان وكيله المتصرّف فيه حاضرا في المحلّ ورفع يده عنه ، فالظاهر صدق التخلية وحصول القبض في الحال من غير حاجة إلى أمر آخر.
وكأنّ الوجه فيما ذهب إليه الشهيد رحمهالله أنّ حقيقة القبض هو اندراج المبيع تحت يد القابض ، ومع بعد المسافة لا يندرج تحت يده بمجرّد تخلية المالك في ذلك المحلّ ، فلا بدّ إذن من مضي المدة المذكورة.
وضعفه ظاهر ؛ إذ لو تمّ ذلك لما كان في مجرّد مضيّ المدّة ما يجعله تحت يده من دون ذهابه أو ذهاب وكيله مثلا حسبما أشرنا إليه.
وهل يصحّ قبض المال المشترك فيما يكون قبضه بالتخلية من دون إذن الشريك؟ وجهان ، بل حكى في الروضة (٣) قولين.
وجه المنع أنّه تصرّف في ملك الشريك ، فلا يجوز إلّا بإذنه ، ووجه الجواز أنّ التخلية بالنسبة إلى حصّته لا يعدّ تصرّفا في حصة الآخر ، وإنّما هو رفع لسلطنة نفسه من (٤) حصّته
__________________
(١) في ( ألف ) : « الثاني ».
(٢) في ( ألف ) : « رفع يد » ، ولا معنى لزيادة « يد » بعد أن تكون العبارة الآتية « الموكّل يده .. ».
(٣) الروضة البهية ٣ / ١٧٦.
(٤) في ( د ) : « عن ».