الزكاة منزلة الدين.
ولا يخفى ما فيه ؛ لما سيجيء إن شاء الله من تعلّق الزكاة بالعين على سبيل الشركة ، ولو قلنا بتعلّقها على سبيل حق الرهن بالعين أو الجناية بالعبد فكذلك أيضا ، وإن تعلّق حق الديان أيضا بالعين بسبق الأوّل على الموت وتأخّر الثاني فلا يصادف محلا قابلا بالنسبة إلى ما يقابل الزكاة.
فما في البيان من تفريع الحكم هنا على الحكم في كيفية تعلّق الزكاة فاستحسن الأوّل بناء على الأوّل وجعل الثاني أحسن بناء على أحد الوجهين الآخرين ليس على ما ينبغي.
وأمّا ما دلّ على تنزيله منزلة الدين فلا يبعد تنزيله على الزكاة المنتقلة إلى الذمّة ، بل الظاهر وروده في خصوص ذلك كما يومي إليه السؤال المفروض فيه.
وحينئذ فلا إشكال في التوزيع لصيرورتها بعد التعلّق بالذمّة كسائر الديون.
واستقرب الشهيد في شرح القواعد توزيعه عليها ، وحكى عن بعض الأصحاب قولا بتقديم الزكاة لقول النبي صلىاللهعليهوآله : « فدين الله أحقّ أن يقضى » (١) ، وبتقديم الدين لأنّ حقّ العباد مبني على التضييق ، وحق الله على المسامحة.
وهذان ضعيفان.
نعم ، لو كانت العين موجودة فللساعي منع العين في وجه قوي.
وإن تأخر زمان تعلّقها عن حياة المورث فإن كان الدين مستوعبا للتركة وكانت العين الزكوية موجودة حين الوفاة فلا زكاة أيضا ، أمّا على القول بعدم انتقال التركة إلى الورثة وبقائها على حكم مال الميت ـ كما ذهب إليه المحقق وغيره وحكى القول به عن الأكثر ـ فظاهر ؛ لعدم دخولها حينئذ في ملك الورثة ، ولا في ملك الديّان قطعا ، والميّت لا تكليف عليه. وإطلاقات الزكاة ـ بناء على القول بشمولها لأموال غير المكلفين ـ غير شاملة لتلك ، ولا أقل من الشكّ ، وهو كاف في المقام.
__________________
(١) عوالي اللئالي ١ / ٢١٦.