نعم ربّما يتّفق إنّ خطّا خاصّا يحتمل خطّا آخر غيره لمشاركته في صورة الكتابة ، كما في المرويّ من : « إنّ الدنيا رأس كلّ خطيئة » بكون « الدنيا » كلمة برأسها و « الرأس » كلمة اخرى كذلك ، فإنّه بحسب صورة الكتابة يشارك هذا الخطّ الّذي اعتبر « دينار » كلمة واحدة و « اسّ » بضم الهمزة كلمة اخرى ، مع كون ظاهر هذه الصورة في الرواية هو الأوّل وهي محتملة للثاني احتمالا مخالفا للظاهر ، إلاّ أنّه ليس احتمالا في الخطّ لخلاف مسمّاه وهو اللفظ الخاصّ ، ولو اخذ بالظهور المذكور فهو ليس أخذا بالظهور بمعنى أصالة الحقيقة ، لأن ذلك ظهور عرفي آخر يثبت عرفا في نظائر الفرض ولا مدخل لأصالة الحقيقة بمعنى ظهورها فيه ، فإذا اخذ بظاهر هذه الصورة وحمل على الخطّ الأوّل كان ذلك الخطّ حينئذ نصّا في مسمّاه.
ولا ريب أنّ النصوص الغير المحتملة لغير مسمّياتها ليست من موارد أصالة الحقيقة ومجاريها ، بل بمعنى إعمال ذلك الأصل في الألفاظ المدلول عليها بتلك الخطوط ، فإنّها الّتي تحتمل غير معانيها الحقيقيّة ، والمراد بإعمال الأصل فيها الأخذ بظواهرها من باب العمل بالظنّ النوعي.
وتوضيح ذلك : إنّ طريق استفادة المطالب من الألفاظ المدلول عليها بالخطوط المرسومة في مقام الكتابة ، يتصوّر على وجهين :
أحدهما : إنّ الناظر في تلك الخطوط لزمه في الغالب التلفّظ بالألفاظ المستفادة منها ، فهو من حيث إنّه متلفّظ بهذه الألفاظ ينزّل نفسه منزلة المتكلّم بها ، ومن حيث إنّه مدرك لمعانيها وفاهم لها ينزّل نفسه منزلة المخاطب لها ، فهو متكلّم ومخاطب باعتبارين ، فمن حيث إنّه مخاطب يستعمل في تلك الألفاظ جميع الاصول والقواعد المعمولتين في الألفاظ الواقعة في مقام الخطاب والمحاورة.
ومن جملة ذلك الأخذ بظواهرها وحملها على حقائقها ، تعويلا على أصالة الحقيقة المعمول بها من باب الظنّ النوعي ، المتضمّن لعدم مراعاة الظنّ وعدم الالتفات إلى ما انقدح في النفس من الشكّ أو الظنّ الغير المعتبر بإرادة خلاف الظاهر.