هو في نحو محلّ البحث لا بدّ وأن يكون لغويّا ، كما يرشد إليه مقالة نفاة الحقيقة الشرعيّة لانتفاء شرطه.
وإبداء احتمال الأمرين من الأخرين بناء منهما على تجويز وضع التعيين ، فيجوز حينئذ كونه لملاحظة المناسبة أوّلا لها ، على منع اشتراط النقل في المجاز ، فلا مانع حينئذ من اعتبار الوضع من باب التعيّن كما جاز كونه من باب التعيين فجاز معه الأمران.
واعلم أنّ العلاّمة والسيّد وشارح المختصر ، في النهاية (١) والمنية (٢) وبيان المختصر نسبوا إلى المعتزلة أنّهم إنّما سمّوا باسم الحقيقة الدينيّة ما يقع من الأسماء الشرعيّة على الذوات ، المفسّرة في كلام غير واحد باصول الدين ، أو ما يتعلّق بالقلب كالإيمان والكفر وما يشتقّ منهما كالمؤمن والكافر ، فرقا بينها وبين ما يقع منها على الأفعال المفسّرة بفروع الدين ، أو ما يتعلّق بالجوارح كالصلاة والزكاة والمصلّي والمزكّي.
وهذا كما ترى يخالف بظاهر إطلاقه الشامل للأقسام الأربع المتقدّمة لظاهر إطلاق ما تقدّم المتناول للقسمين ، وبينهما عموم من وجه ، فيتعارضان في مادّتي الافتراق ، لكون كلّ نافيا لما أثبته الآخر كما لا يخفى.
وفي كلام بعض الفضلاء (٣) أنّ الحقيقة الدينيّة هي الّتي عرّفها المعتزلة بما لا يعرف أهل اللغة لفظه أو معناه أو كليهما ، وخصّوها بأسماء الذوات والصفات كالمؤمن والكافر وما يشتقّان منه ، دون أسماء الأفعال كالصلاة والحجّ ، وهذا كما ترى يخالف كلاّ من الأوّلين بكونه أخصّ من كلّ منهما ، وكأنّه قصد بذلك إلى الجمع بينهما تنزيلا لاصطلاح المعتزلة على مادّة اجتماعهما ، وليس ببعيد.
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ٢٢ ( مخطوط ).
(٢) منية اللبيب في شرح التهذيب : ... ( مخطوط ) حيث قال : « ثمّ إنّهم ( أي المعتزلة ) قسمّوا الأسماء الشرعيّة إلى ما جرت على الأفعال كالصلاة والصوم وإلى ما جرت على الفاعلين كالمؤمن والفاسق والكافر فسمّوا الأخير بالأسماء الدينيّة ... ».
(٣) الفصول الغرويّة : ٤٢.