أمّا الملازمة : فلأنّ الكلام اسم لمجموع الحروف المتوالية الّتي يعدم السابق منها بطريان اللاحق لا لواحد منها ، ويستحيل اجتماعها خارجا ، بل الموجود منها دائما حرف واحد ، والمشتقّ صادق مع عدم بقاء المجموع الّذي هو المبدأ ، وهو المقصود من بطلان التالي.
وفيه : إنّ النسبة بمعنى الارتباط الواقعي تحصل بمجرّد التشاغل بإيجاده جزء فجزء ، ولذا لا يضرّ فيه تخلّل السكوت على ما هو وظيفة الامور السيّالة ، بل لا مانع من الصدق بعد زوال التشاغل ما دامت النسبة باقية.
هذا في حلّ الصدق على طريقة ما حقّقناه ، ومع الإغماض عنه يمكن الجواب : بأنّ كون الكلام لمجموع الحروف المتوالية وإن كان مسلّما ، غير أنّه يكفي في صدق التلبّس به في نظر العرف التلبّس بجزء ، كما هو شأن الامور السيّالة ، فلا يضرّ انعدام ما انعدام وعدم وجود ما لم يوجد بعد من الأجزاء ، بل يكفي في صدق التلبّس في الامور السيّالة بقاء حالة التشاغل ، وإن انقطع التلبّس بالجزء أيضا في آن لتخلّل تنفّس أو شرب ماء أو نحوهما.
الخامس : إنّه لو صحّ اشتراط البقاء لما صدق « المؤمن » على النائم والغافل والتالي باطل ، فالمقدّم مثله ، فإنّ « المؤمن » صادق حقيقة على من لا يباشر التصديق ولا العمل ولا المجموع كالنائم ، وهو المراد ببطلان التالي ، مع أنّ الإيمان حقيقة في أحدها بالإجماع ، وهو المراد بالملازمة.
وفيه : إنّ الصدق مسلّم ومناطه بقاء النسبة والارتباط الواقعي ، ولا يقدح فيه عدم مباشرة التصديق ولا العمل.
وأمّا ما يقال في دفعه : من أنّ التصديق عبارة عن القضايا المعقولة ، وهي على فرض حصولها مكنونة في خزانة القلب ودفينة الذهن ، ولا يوجب زوال الحسّ ظاهرا والذهول عنها زوالها وانعدامها ، فواضح الضعف ، فإنّ القضيّة المعقولة هو متعلّق الإيمان بمعنى التصديق لا أنّه نفسه ، مع أنّه لا يتمّ على القول بكونه العمل أو المجموع منه ومن التصديق.