لم يصادفه ما يرفعه ـ وهو الارتباط الواقعي ، لو سلّمناه في نحو الأمثلة المذكورة ينفي الفرق.
وحجّة الثاني منها : إنّه لو لم يشترط البقاء فيما طرء الضدّ الوجودي على المحلّ ، لزم أن يكون أكابر الصحابة كفّارا على وجه الحقيقة ، وأن يصدق « النائم » على اليقظان ، و « الحامض » على الحلو كذلك ، لوجود المبدأ لهما وانقضائه.
وفيه : إنّ عدم الصدق في نحو هذه الأمثلة وإن كان مسلّما ، بل خارجا عن محلّ النزاع على ما أشرنا إليه ، لكن لا لاشتراط بقاء المبدأ والشرط منتف ، بل لطروّ رافع مناط الصدق ، فلا وجه لأخذه وجها في التفصيل.
وحجّة الثالث منها : أنّه لو كان البقاء شرطا في الثبوتي أيضا لزم أن يكون إطلاق « المؤمن » على النائم والغافل مجازا ، إذ لا تصديق حال النوم.
وتقريب الاستدلال ما تقدّم مع ما يعرب عن فساده ، فإنّ نحو « النوم » و « الغفلة » ليس ممّا يرفع الارتباط الواقعي الّذي عليه مدار الصدق ، وحينئذ فلا يتفاوت الحال بين الثبوتي والحدوثي ما لم يصادفه ما يرفع الارتباط ، وإن لم يكن المبدأ باقيا.
وحجّة الرابع منها : إنّ المسلمين لا يزالون يستدلّون بقوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا )(١)( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما )(٢) لإجراء الحدود على من لم يتلبّس بالمبدأ أو لم يوجد حال النزول ، وظاهرهم إرادة الحقيقة ، فلولا تحقّق المبدأ بالفعل غير معتبر في المحكوم عليه لما صحّ ذلك ، لعدم تناول الخطاب للمذكورين حينئذ.
وهذا كما ترى يشبه بكون المطلب حقيقيّة المشتقّ في المستقبل ، فيفسد : بكونه مدافعا للإجماع ، مع عدم تعرّضه لحال الماضي.
وقد يوجّه : بأنّ مراده أنّ المحكوم عليه حقيقة فيما تلبّس بالمبدأ في الجملة ،
__________________
(١) النور : ٢.
(٢) المائدة : ٣٨.