وعلّله بعضهم كما عن المحقّق الشريف ، بأنّ العامّ المستعمل في فرده مجاز مع امتناع سلب معناه عن مورد استعماله.
وهذا كما ترى لا ينطبق على المدّعى ، لوضوح الفرق بين انتقاض طرد العلامة وبين تضمّنها الدور ، هذا مع ما في البيان المذكور بالقياس إلى علامة المجاز من حيث إنّه بظاهره لا ينطبق على قواعدهم ، وما هو المقصد الأصلي من وضع العلامات كما لا يخفى.
ويمكن إصلاحه بضرب من التوجيه : بكون العلم بالمعنيين مرادا به الإجمالي وبالمورد ما يكون فردا مردّدا بين كونه من المعنى الحقيقي المعلوم بالإجمال أو من المعنى المجازي المعلوم بالإجمال ، مع ورود الاستعمال فيه من باب إطلاق الكلّي على الفرد المردّد بين كونه المعنى الحقيقي أو المجازي « كالماء » إذا أطلق على « ماء السيل » المشكوك في كونه باعتبار مسمّاه الوضعي أو باعتبار مسمّى « الوحل » الّذي قد تستعمل فيه الماء مجازا.
وممّا يؤيّد إرادة هذا المعنى قولهم : « فإنّا نعلم بصحّة سلب المعنى الحقيقي عن المورد ... الخ » فإنّ المورد لا يراد به إلاّ مورد الاستعمال ، ولا يجوز أن يراد به مع فرض الجهل بالمراد إلاّ الفرد مع جهالة حاله ، مع أنّ السلب من دون العلم بالمسلوب منه غير معقول ، ولا يصلح له في مفروض العبارة إلاّ الفرد ، وعليه فمفادها ما يرجع إلى ما قرّرناه أخيرا.
لكن يشكل : بأنّ هذا التوجيه يقضي بجريان الجواب في علامة الحقيقة أيضا ، فلا وجه لما تقدّم فيه من الإشكال ، إلاّ أن يوجّه أيضا ، بأنّ العلم الإجمالي لا يكفي في الحكم على اللفظ بكونه حقيقة ، لأنّه كما يجامع فرض الإطلاق كذلك يجامع فرض الاستعمال في الخاصّ بقيد الخصوصيّة ، واستعمال العامّ فيه مجاز مع عدم صحّة سلبه عنه.
لكن يدفعه : فرض الإطلاق من أوّل الأمر ورجوع الشكّ في الفرد إلى تعيين المعنى العامّ المراد من اللفظ.