قلمه وريقه مداده ، فأثبَتَها له. [ وإذا (١) ] هَمَّ بالسيّئة خرج نَفَسُه منتن الريح فيقولُ صاحب الشمال لصاحب اليمين : قم فإنه قد هَمَّ بالسيّئة ، فإذا فعلها هو كان لسانه قلمه ، وريقه مداده ، وأثبَتَها عليه (٢).
فدلّ على ترتّب طيب نَفَسِه الدالّ على طيب نَفسِه واستنارتها ونتن نَفَسِه الدالّ على إظلام نَفسِه وخبثها على الهمّ والنيّة. والمراد بها : العزم المتأكّد ، والنيّة المستقرّة. ونتنُ النَّفَسِ دليل على تحقّق الإثم ، والبعد عن ساحة الرضوان ، والتحقّق بصفات أهل النار ، فما زال العبد عازماً ناوياً لفعل المعصية فَنَفَسُه منتنٌ ونفسُه مظلمة وإن حال بينه وبين فعل منويّة حائل قهريّ ، ما دام عازماً على فعل المعصية ما تمكّن منه ؛ وذلك لوجود المقتضي وهو الهمّ الثابت المستقرّ من أجل غلبة النفس الأمّارة المظلمة المنتنة. وهذا النَّفَسُ خارج منها ، والمراد به : ما به مادّة حياتها وبقائها الذي يمدّها به الجهل المنتن المظلم بمقتضى الطبع الذي اقتضاه كفره.
نعم ، إن كان تركه للمعصية بعد الهمّ بها والعزم على فعلها عن رجوع وندمٍ زال ذلك الأثر زوالاً تامّاً بقدر قوّة ندمه ، وخلوص توبته ؛ فإن التوبة تمحو أثر فعل المعصية ، فلأن تمحو أثر نيّتها أولى بمقتضى وعد الله لمن تاب بالمغفرة والرحمة. وكذا لو كان تركه لها عن إعراض ، وانصراف شهوة ضَعُفَ أثر النيّة بقدر قوّة نيّة الإعراض وسببه ، وربّما زال أثره رأساً بعمل طاعةٍ وشبهها وإن لم يسبقه ندم ؛ بمقتضى سبق الرحمة الواسعة. ومن أجل سبق الرحمة واللطف يؤجّل فاعل المعصية سبع ساعات ، فإن تاب واستغفر الله لم يثبت في صحيفته ، وإلّا أُثبتت عليه ، كما في خبر فُضَيل بن عثمان المراديّ : المرويّ في ( الكافي ) قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام : يقول قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أربع مَنْ كن فيه لم يهلك على الله بعدهنّ إلّا هالك : يهمّ العبد بالحسنة [ فيعملها ، فإن (٣) ] هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيَّته ، وإن هو عملها كتب
__________________
(١) من المصدر ، وفي المخطوط : « فإذا ».
(٢) الكافي ٢ : ٤٢٩ / ٣.
(٣) من المصدر ، وفي المخطوط : « ليعملها ، فإذا ».