فيه بوجه ، وهو من أوضح الأدلّة في المسألة. وعلى ما قرّرناه لا يبقى حديث في المسألة يوهم خلافه يقوى على معارضته ومقاومته.
وما أجاب به الشيخ علي المقابي : عن قوله صلىاللهعليهوآله صلّوا كما رأيتموني أُصلي (١) من منع كون الأمر للوجوب ، ظاهر الضعف. وتحقيق كونه للوجوب في كتب الأُصول ، على أن هذا بناء منه على أن دلالة المرسل المذكور على وجوب الإخفات في الأخيرتين مطلقا مفتقر إلى ضمّ قوله صلىاللهعليهوآله صلّوا كما رأيتموني أصلي.
وقد نبّهناك على أنه غير مفتقر لذلك ؛ لأن فعله حجّة كقوله ، خصوصاً البياني ، خصوصاً في العبادات ، خصوصاً في الصلاة ، وأن الأصل في فعله فيما علم منه التقرّب به خصوصاً الصلاة الوجوب ، وقد نقل عليه الإجماع غير واحد.
وقال الشيخ حسن الدمستاني : ( وأمّا الاستدلال على وجوب الجهر والإخفات في محالّهما بأن ذلك واجب على الرسول صلىاللهعليهوآله : فيجب علينا لقوله صلّوا كما رأيتموني أصلّي ، فضعيف ). وأطال العبارة في توجيه الضعف بمنع دخول الأقوال وكيفيّاتها في جملة المأمور به في الخبر ، وإن ذلك يلزم منه تكليف ما لا يطاق ؛ لاستحالة الإتيان بمثل كيفيّة ألفاظه من كلّ وجه ، حتّى في الشدّة والضعف ومقدار الجهر والإخفات.
وقد أكثر الحزّ وأخطأ المفصل ، وأغنانا عن ردّ كلامه بتسليمه أن ذلك واجب على الرسول ؛ إذ لا قائل بأن ذلك من خواصّه صلىاللهعليهوآله. والبرهان من السبل الثلاثة قائم على أنه لا يكلّف بالمحال ، وقد فهم منه هذا الشيخ ما لم يفهمه أحد قبله من أرباب النفوس القدسيّة. وناهيك بها أمارة على خطأ فهمه ، عاملنا الله وإيّاه بعفوه.
وذهب بعض أجلّة المعاصرين من علماء البحرين إلى أن الإمام والمنفرد والمأموم إن قرؤوا وجب الإخفات ، وإن سبّحوا وجب على الإمام الجهر بالتسبيح ،
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ١٩٨ / ٨ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٨٧ / ٣٨٥٦.