وأيضاً الإمام كالرسول واجب الطاعة من الله ، لأن نهيه وأمره أمر الله ونهيه ، فلو رجع تعيينه إلى البشر لكان الأمر محالاً ، حيث إن كلّ قوم ، بل كلّ واحد يختار غير ما يختار الآخر ، فيقع التخاصم ويفسد النظام.
وأيضاً ذلك يقتضي أن يكون حكم الله واستخلافه والنيابة عنه دائرة مدار شهوة الخلق ، وهذا لا يكون إلّا لضعف القدرة ، أو عدم العلم بمن هو أهل لذلك ، أو عدم الحكمة ، تعالى الله عن ذلك.
وأيضاً لو دار أمر الإمامة على اختيار البشر لجاز أن يقع اختيارهم على منافق ؛ إمّا زنديق ، أو يهوديّ في باطنه ، أو غير ذلك ؛ لعدم علمهم ببواطن الخلق ، فيقتضي أن يكون خليفة الله ورسوله كافراً ، وأن الله تعالى يوجب على المؤمنين طاعة ذلك الكافر ، ما هذا يرضى به عاقل ، لأنه تلاعب يقتضي الكفر بنعمة الله ، وأنه ليس كمثله شيء.
والأدلّة على وجوب عصمة الإمام لا تحصى ، فكلّ دليل يدلّ على وجوب عصمة الرسول دلّ على وجوب عصمة خليفته ، وإلّا لم يكن خليفته ولا خليفة الله ، بل خليفة الناس ، فيجب أن يكون الإمام باختيار الله وأمره كالرسول. ولا يكفي بعد الرسول صلىاللهعليهوآله وجود القرآن والسنّة بدون وجود المعصوم الذي يبيّنه عن أمر الله كما أراد الله ؛ إذ لا يعلم ما أراد الله إلّا الله أو مَن يعلّمه الله.
فلا بدّ من وجود معصوم لا يخطئ ولا يسهو ولا يكذب حتّى يبيّن للناس ما أراد الله في كلّ زمان ، فلو استغنى العباد عمّن يبيّن الكتاب كذلك لاستغنوا عن الرسل بالكتاب ، والله تعالى قادر على أن ينزّل كتاباً في قرطاس بدون رسول بشرٍ ، فكلّ شيء يحتاج الناس للرسول فيه فحاجتهم له في كلّ زمانٍ ؛ إذ لا فرق بين أهل الأزمان ؛ فإمّا أن يوجد الرسول ، أو مَن هو مثله وهو خليفته ؛ إذ لولا ذلك لاستغنى الناس عن الخليفة الذي يبيّن لهم الكتاب إذا اختلفوا فيه ، ولو استغنوا عن الخليفة لاستغنوا عن الرسول.