السبع ، فإنها سبع طبقات فإذا بلغت الساعة السابعة ولم تُتبع بتوبة تمحوها استقرّ فعليّتها في جميع قوى الأمّارة وطبقاتها ، وتتمّ فعليّة ظهور صورة الجهل في مرآة نفسه.
فمعنى كتابتها حينئذٍ هو تمام فعليّة ثبوتها ، واستقرارها ، وتصوّر النفس بصورتها ، وبروزها بها ، فإن العقائد والأعمال مادّة تصوّر النفس وتطوّرها ، فهي متكوّنة متصوّرة بصورة أعمالها وعقائدها ، كما دلّت عليه الأخبار المستفيضة من ظهور مَن خالف الحقّ في النشأة الآخرة بصور الكلاب (١) والقردة والخنازير وغير ذلك ؛ فإن صور العقائد والأعمال الباطلة وحقائقها الغيبيّة من نوع تلك الحقائق ، فإن جميع تلك الحقائق شؤون الجهل وتطوّراته ، فهو أصل الجميع الجامع لها ، والكلّ منها بمنزلة الجزئيّات من ذلك الكلّيّ. فهذا معنى كتابة الأعمال والعقائد ، ونيّة كلّ فعل من سنخ حقيقته.
وإذا عرفت أن أصل الطاعة ومحتدها ومبدأها هو العقل وإليه تعود فإنها صفة فطرة الوجود التي فطر الله الناس عليها ، وعليها يولد كلّ مولود ، فهي متحقّقة في جميع مراتب العقل والوجود الفائض بالذات من المعبود وأن المعصية مبدؤها ومحتدها وأصلها الجهل ، وإليه تعود فلا تعود إلى الله ؛ لأن كلّ شيء إنما يعود إلى ما منه بدأ ، كما دلّ عليه الأخبار والاعتبار ، ولا ينافي هذا أنها بقضاء من الله وقدر وإنما هذا لعدم خروجها وفاعلها عن ملك الله وقبضته عرفت أن المعصية مجتثّة لا قرار لها ، وإنما هي في الحقيقة عدمٌ كمبدئها وعلّتها ، وهو الجهل ، فإن حقيقته إنما هي عدم الوجود ، ولذا جنود الجهل إنما حقيقتها عدم ضدّها من جنود العقل ، فتأمّل
__________________
(١) انظر الأمالي ( الطوسيّ ) ٤٨٧ / ١٠٦٨.