الظنون فهو لا يكون إلّا بالذكر اللسانيّ ، وهو خارج عن معنى الظنّ بلا شبهة ، فلا يخصّص به منطوق الآية ؛ لمباينته لمعناه. على أنا قد بيّنّا عدم دلالة الآيتين على المدّعى.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( وعن الثالث : بأن العزم المختلف فيه ما له صورة في الخارج كالزنا وشرب الخمر ، وأمّا ما لا صورة له في الخارج كالاعتقادات وخبائث النفس ، مثل الحسد وغيره ، فليس من صور محلّ الخلاف ، فلا حجّة فيه على ما نحن فيه ) (١).
أقول : هذا حقّ ، يُعلم وجه حقيقته ممّا مرّ.
ثمّ قال رحمهالله تعالى ـ : ( وأمّا احتقار الناس وإرادة المكروه بهم فإظهاره حرام يؤاخذ به ، ولا نزاع فيه ، وبدونه أوّل المسألة ) (٢).
أقول : أمّا أن إظهاره حرام يؤاخذ به فحقّ لا شكّ فيه ، والعقل والنقل والإجماع عليه متطابقة بلا معارض ؛ لظهور أنه ليس من باب النيّات ، وإنما هو من الأفعال المنويّة.
وأمّا أنه ( بدونه أوّل المسألة ) فممنوع ، بل هو أيضاً خارج عن محلّ البحث كما عرفت.
ثمّ قال رحمهالله : ( والحقّ أنها محلّ إشكال ) (٣).
أقول : لا إشكال يكاد يتحقّق بعد التأمّل فيما قرّرناه وأوضحناه.
ثمّ قال رحمهالله : ( ثمّ الظاهر أنه لا فرق في قوله عليهالسلام ومَنْ هَمَّ بسيّئة ولم يعملها لم تكتب عليه بين من لم يعملها خوفاً من الله ، أو خوفاً من الناس ، أو صوناً لعرضه ) (٤).
أقول : أمّا أنه لا فرق بين من ترك ما نواه من المعصية خوفاً من الله أو خوفاً من الناس ، فإطلاقه ممنوع ؛ فإنّا قد أقمنا الدليل على أنه لو نوى المعصية ، وحال بينه
__________________
(١) شرح أُصول الكافي ١٠ : ١٤٥.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المصدر نفسه.