قاصر. ومن أعظم علاجات المرض : فعل الخير والاحسان ، والذكر والدعاء ، والتضرع والابتهال إلى الله ، والتوبة. ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء ، أعظم من الأدوية الطبيعية. ولكن : بحسب استعداد النفس وقبولها ، وعقيدتها في ذلك ونفعه.
( الثامن عشر ) : التلطف بالمريض والرفق به ، كالتلطف بالصبى.
( التاسع عشر ) : أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية ، والعلاج بالتخييل. فإن لحذاق الأطباء في التخييل أمورا عجيبة لا يصل إليها الدواء. فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين.
( العشرون ) ـ وهو ملاك أمر الطبيب ـ : أن يجعل علاجه وتدبيره دائرا على ستة أركان : حفظ الصحة الموجودة ، ورد الصحة المفقودة بحسب الامكان ، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الامكان ، واحتمال أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما ، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما. فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج. وكل طبيب لا تكون هذه أخيته (١) التي يرجع إليها ، فليس بطبيب. والله أعلم.
( فصل ) ولما كان للمرض أربعة أحوال : ابتداء وصعود وانتهاء وانحطاط ، تعين على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض بما يناسبها ويليق بها ، ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها. فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعة محتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها لنضجها ، بادر إليه. فإن فاته تحريك الطبيعة في ابتداء المرض ـ لعائق منع من ذلك ، أو لضعف القوة وعدم احتمالها للاستفراغ ، أو لبرودة الفصل ، أو لتفريط وقع ـ : فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعل ذلك في صعود المرض ، لأنه إن فعله : تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء ، وتخلت عن تدبير المرض ومقاومته بالكلية. ومثاله : أن يجئ إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه ، فيشغله عنه بأمر آخر. ولكن الواجب في هذه الحال : أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ما أمكنه.
__________________
(١) الأخية بزنة أبيه : الحرمة والذمة. وهى أيضا مشهورة فيما تربط فيه الدابة. وإرادة الأول أظهر اه ق. بل هو المتعين.