ـ عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : « لا عدوى ، ولا طيرة » (١).
ونحن نقول : لا تعارض ـ بحمد الله ـ بين أحاديثه الصحيحة ، فإذا وقع التعارض : فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلىاللهعليهوسلم ، وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتا. فالثقة يغلط أو يكون أحد الحديثين ناسخا للآخر. فإذا (٢) كان مما يقبل النسخ أو التعارض في فهم السامع ، لا ( في ) نفس كلامه صلىاللهعليهوسلم ـ : فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة. وأما حديثان صحيحان صريحان ، متناقضان من كل وجه ، ليس أحدهما ناسخا للآخر ـ فهذا لا يوجد أصلا. ومعاذ الله : أن يوجد في كلام الصادق المصدوق (٣) ، الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق. والآفة من التقصير في معرفة المنقول والتمييز بين صحيحه ومعلوله ، أو من القصور في فهم مراده ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحمل كلامه على غير ما عناه به ، أو منهما معا. ومن ههنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع. وبالله التوفيق.
قال ابن قتيبة في كتاب « اختلاف الحديث » (٤) له ـ حكاية عن (٥) أعداء الحديث وأهله ـ : « قالوا : حديثان متناقضان ، رويتم عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : لا عدوى ولا طيرة. وقيل له : إن النقبة تقع بمشفر البعير ، فيجرب لذلك الإبل. قال : فما أعدى الأول.؟ ثم رويتم : لا يورد ذو عاهة على مصح ، وفر من المجذوم فرارك من الأسد. وأتاه رجل مجذوم ليبايعه على الاسلام ، فأرسل إليه البيعة ، وأمره بالانصراف ولم يأذن له. وقال : الشؤم في المرأة والدار والدابة. قالوا : وهذا كله مختلف لا يشبه بعضه بعضا. قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس في هذا اختلاف ، ولكل معنى منها وقت وموضع. فإذا وضع موضعه زال الاختلاف. والعدوي جنسان : (أحدهما) : عدوى
__________________
(١) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود. وسيأتى للمصنف كلام في هذا الحديث يتضمن التشكيك في صحته!!. اه ق.
(٢) بالزاد : إذا. ولعله تحريف فتأمل. والزيادة الآتية عنه.
٣ ـ كذا بالزاد. وفي الأصل : والمصدوق.
٤ ـ المطبوع باسم تأويل مختلف الحديث. والنص فيه ١٢٣ ـ ١٢٦ بزيادة واختلاف قد ننبه على بعضه.
(٥) كذا بالزاد. وفى الأصل : من. وهو تصحيف.