قبل أن يعزوه. فهذا هو الثبات والكمال الأعظم ، لا لطم الخدود ، وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور ، والسخط على المقدور.
ومن علاجها : أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والاحتساب ـ من اللذة والمسرة ـ أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به ، لو بقى عليه. ويكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى (١) له في الجنة ، على حمده لربه واسترجاعه. فلينظر أي المصيبتين أعظم : مصيبة العاجلة؟ أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد؟.
وفى الترمذي مرفوعا : « يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا ، لما يرون : من ثواب أهل البلاء ».
وقال بعض السلف : « لولا مصائب الدنيا ، لوردنا القيامة مفاليس ».
ومن علاجها : أن يروح قلبه بروح رجاء الخلف من الله. فإنه من كل شئ عوض ، إلا الله فما منه عوض. كما قيل :
من كل ـ شئ إذا ضيعته ـ عوض ، |
|
وما من الله ـ إن ضيعته ـ عوض |
ومن علاجها : أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تحدثه (٢) له ، فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السخط. فحظك منها ما أحدثته لك. فاختر إما خير الحظوظ ، أو شرها. فإن أحدثت له سخطا وكفرا : كتب في ديوان الهالكين. وإن أحدثت له جزعا وتفريطا في ترك واجب ، أو في (٣) فعل محرم ـ : كتب في ديوان المفرطين. وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر : كتب في ديوان المغبونين. وإن أحدثت له اعتراضا على الله ، وقدحا في حكمته ـ : فقد قرع باب الزندقة أو ولجه. وإن أحدثت له صبرا وثباتا لله : كتب في (ديوان الصابرين. وإن أحدثت له الرضا : كتب في) (٤) ديوان الراضين. وإن أحدثت له الحمد والشكر : كتب في ديوان الشاكرين ، وكان تحت لواء الحمد مع الحمادين. وإن أحدثت له
__________________
(١) بالزاد : بنى.
(٢) كذا بالزاد ١٢٧. وفى الأصل : يحدثه. ولعله تصحيف.
(٣) بالزاد : أو فعل. وكل صحيح.
(٤) الزيادة عن الزاد.