ذكره ، وأن (١) يكون أحب إليه من كل ما سواه ، وأرجى عنده من كل ما سواه ، وأجل في قلبه من كل ما سواه ، ولا نعيم له ولا سرور ولا لذة ـ بل ولا حياة ـ إلا بذلك. وهذا له بمنزلة الغذاء والصحة والحياة. فإذا فقد غذاءه وصحته وحياته : فالهموم والغموم والأحزان مسارعة من كل صوب إليه ، ورهن مقيم عليه.
ومن أعظم أدوائه : الشرك والذنوب والغفلة ، والاستهانة بمحابه ومراضيه ، وترك التفويض إليه ، وقلة الاعتماد عليه ، والركون إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك في وعده ووعيده.
وإذا تأملت أمراض القلب : وجدت هذه الأمور وأمثالها ، هي أسبابها ، لا سبب لها سواها. فدواؤه ـ الذي لا دواء له سواه ـ ما تضمنته هذه العلاجات النبوية : من الأمور المضادة لهذه الأدواء. فإن المرض يزال بالضد ، والصحة تحفظ بالمثل. فصحته تحفظ بهذه الأمور النبوية ، وأمراضه بأضدادها.
فالتوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والابتهاج. والتوبة استفراغ للاخلاط والمواد الفاسدة التي هي سبب أسقامه ، وحمية له من التخليط ، فهي تغلق عنه باب الشرور. فيفتح له باب السعادة والخير بالتوحيد ، ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار.
قال بعض المتقدمين من أئمة الطب : « من أراد عافية الجسم : فليقلل من الطعام والشراب ، ومن أراد عافية القلب : فليترك الآثام ». وقال ثابت بن قرة : « راحة الجسم في قلة الطعام ، وراحة الروح في قلة الآثام ، وراحة اللسان في قلة الكلام ».
والذنوب للقلب بمنزلة السموم : إن لم تهلكه أضعفته ولا بد. وإذا أضعفت (٢) قوته : لم يقدر على مقاومة الأمراض. قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك :
__________________
(١) كذا بالزاد. وهو الظاهر. وفى الأصل : أن.
(٢) بالزاد ١٣٠ : ضعفت.