دفعا لما يجدونه في صدورهم : من الضيق والهم والغم. كما قال شيخ الفسوق (١) :
وكأس شربت على لذة |
|
وأخرى تداويت منها بها |
وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب : فلا دواء لها الا التوبة والاستغفار.
وأما الصلاة فشأنها في تفريح القلب وتقويته ، وشرحه وابتهاجه ولذته ، أكبر شأن. وفيها ـ : من اتصال القلب والروح بالله وقربه ، والتنعم بذكره ، والابتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ، واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلق بالمخلوق (٢) وملابستهم ومحاورتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحته من عدوه حالة الصلاة. ـ ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات ، والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة. وأما القلوب العليلة ، فهي كالابدان العليلة : لا تناسبها الأغذية الفاضلة.
فالصلاة : من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهى منهاة عن الاثم ، ودافعة لادواء القلوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبيضة للوجه ، ومنشطة للجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة للظلم ، وناصرة للمظلوم ، وقامعة لاخلاط الشهوات ، وحافظة للنعمة ، ودافعة للنقمة ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ، ونافعة من كثير من أوجاع البطن.
وقد روى ابن ماجة في سننه ـ من حديث مجاهد ، عن أبي هريرة ـ قال : « رآني رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وأنا نائم أشكو من وجع بطني ، فقال لي : « يا أبا هريرة ، إشكم درد؟ ( قال ) قلت : نعم يا رسول الله. قال : قم فصل ، فإن في الصلاة شفاء.
وقد روى هذا الحديث موقوفا على أبي هريرة ، وأنه (٣) هو الذي قال ذلك لمجاهد. وهو
__________________
(١) هو الأعشى. وقد اقتدى به أبو نواس في قوله :
دع عنك لومي ، فإن اللوم إغراء ، |
|
وداوني بالتي كانت هي الداء |
(٢) كذا بالأصل والزاد ١٣٢. وهو صحيح لا ينافيه ما بعده ، لأنه جمع من حيث تعدد أفراده. وقد ضرب عليه ق ، وأبدله بلفظ : بالمخلوقين. ولا ضرورة له.
(٣) كذا بالزاد. وفى الأصل : أنه. وهو تحريف.