وأردأ منه : أن ينام منبطحا على وجهه. وفى المسند وسنن ابن ماجة ، عن أبي أمامة ، قال : « مر النبي صلىاللهعليهوسلم على رجل نائم في المسجد ، منبطح على وجهه ، فضربه برجله ، وقال : قم ـ أو اقعد ـ فإنها نومة جهنمية ».
قال : أبقراط في كتاب التقدمة : « وأما نوم المريض على بطنه ، من غير أن يكون عادته في صحته جرت بذلك ، فذلك يدل على اختلاط عقل ، وعلى ألم في نواحي البطن ». قال الشراح لكتابه : لأنه خالف العادة الجيدة ، إلى هيئة رديئة ، من غير سبب ظاهر ولا باطن.
والنوم المعتدل ممكن للقوى الطبيعة من أفعالها ، مريخ للقوة النفسانية ، مكثر من جوهر حاملها ، حتى إنه ربما عاد بإرخائه مانعا من تحلل الأرواح.
ونوم النهار ردئ يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ، ويفسد اللون ، ويورث الطحال ، ويرخى العصب ، ويكسل ويضعف الشهوة ، إلا في الصيف وقت الهاجرة. وأردؤه : نوم أول النهار. وأردأ منه : النوم آخره بعد العصر. ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة ، فقال : « قم ، أتنام. في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟! »
وقيل : نوم النهار ثلاثة : خلق ، وخرق (١) وحمق. فالخلق : نومة الهاجرة ، وهى خلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والخرق (١) : نومة الضحى يشغل عن أمر الدنيا والآخرة. والحمق : نومة العصر. قال بعض السلف : « من نام بعد العصر ، فاختلص عقله ـ فلا يلومن إلا نفسه ». وقال الشاعر :
ألا إن نومات الضحى تورث الفتى |
|
خبالا ، ونومات العصير جنون |
ونوم الصبحة (٢) يمنع الرزق : لان ذلك وقت تطلب فيه الخليقة أرزاقها ، وهو وقت
__________________
(١) بالزاد : « وحرق ... والحرق ». وهو تصحيف.
(٢) أي : حين يصبح المرء ، كما في المختار. وبالزاد : الصبيحة.