اليسار : فإنه مستقره ، فيحصل بذلك الدعة التامة ، فيستغرق الانسان في نومه ويستثقل : فيفوته مصالح دينه ودنياه.
ولما كان النائم بمنزلة الميت ، والنوم أخو الموت ـ ولهذا يستحيل على الحي الذي لا يموت ( سبحانه ) (١) وأهل الجنة لا ينامون فيها ـ ( و ) كان النائم محتاجا إلى من يحرس نفسه ويحفظها مما يعرض لها من الآفات ، ويحرس بدنه أيضا من طوارق الآفات ، وكان ربه وفاطره تعالى هو المتولى لذلك وحده ـ : علم النبي صلىاللهعليهوسلم النائم ، أن يقول كلمات التفويض والالتجاء والرغبة والرهبة : ليستدعى بها كمال حفظ الله له وحراسته لنفسه وبدنه ، وأرشده (٢) مع ذلك إلى أن يستذكر الايمان وينام عليه ، ويجعل التكلم به آخر كلامه. فإنه ربما توفاه الله في منامه ، فإذا كان الايمان آخر كلامه : دخل الجنة.
فتضمن هذا الهدى في المنام ، مصالح القلب والبدن والروح : في النوم واليقظة ، والدنيا والآخرة. فصلوات الله وسلامه على من نالت به أمته كل خير.
وقوله : « أسلمت نفسي إليك » ، أي : جعلتها مسلمة لك تسليم العبد المملوك نفسه إلى سيده ومالكه.
وتوجيه وجهه إليه : يتضمن إقباله بالكلية على ربه ، وإخلاص القصد والإرادة له ، وإقراره بالخضوع والذل والانقياد. قال تعالى : ( فإن حاجوك فقل : أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ). وذكر الوجه : إذ هو أشرف ما في الانسان ، ومجمع الحواس. وأيضا : ففيه معنى التوجه والقصد ، من قوله :
* رب العباد إليه الوجه والعمل *
وتفويض الامر إليه : رده إلى الله سبحانه. وذلك يوجب سكون القلب وطمأنينته ، والرضا بما يقضيه ويختاره له : مما يحبه ويرضاه. والتفويض من أشرف مقامات العبودية ، ولا علة فيه ، وهو من مقامات الخاصة. خلافا لزاعمي خلاف ذلك.
وإلجاء الظهر إليه سبحانه ، يتضمن قوة الاعتماد عليه ، والثقة ( به ) (٣) ، والسكون
__________________
(١) هذه الزيادة جيدة ، والآتية متعينة. ولم تردا في الزاد أيضا. وجواب « لما » قوله : علم. فتنبه.
(٢) بالزاد ١٤٤ : فأرشده. وما بالأصل أحسن.
(٣) زيادة عن الزاد.