الاحتباس. وإن استفرغ تأذى البدن بالأدوية : لان أكثرها سمية ، ولا تخلو من إخراج الصالح المنتفع به. ويضر بكيفيته : بأن يسخن بنفسه ، أو بالعفن ، أو يبرد بنفسه ، أو يضعف الحرارة الغريزية عن إنضاجه.
وسدد الفضلات ـ لا محالة ـ ضارة : تركت أو استفرغت. والحركة أقوى الأسباب في منع تولدها : فإنها تسخن الأعضاء ، وتسيل فضلاتها ، فلا تجتمع على طول الزمان ، ويعود البدن الخفة والنشاط ، ويجعله قابلا للغذاء ، ويصلب المفاصل ، ويقوى الأوتار والرباطات. ويؤمن جميع الأمراض المادية ، وأكثر الأمراض المزاجية ـ إذا استعمل القدر المعتدل منه (١) في وقته ، وكان باقي التدبير صوابا.
ووقت الرياضة : بعد انحدار الغذاء وكمال الهضم. والرياضة المعتدلة هي : التي تحمر فيها البشرة وتربو ، ويتندى (٢) فيها البدن ، وأما التي يلزمها سيلان العرق ، فمفرطة. وأي عضو كثرت رياضته قوى ، وخصوصا على نوع تلك الرياضة. بل كل قوة فهذا شأنها : فإن من استكثر من الحفظ قويت حافظته ، ومن استكثر من الفكر قويت قوته المفكرة. ولكل عضو رياضة تخصه : فللصدر القراءة : فليبتدئ فيها من الخفية إلى الجهر بتدريج. ورياضة السمع : بسمع الأصوات والكلام بالتدريج ، فينتقل من الأخف إلى الأثقل. وكذلك رياضة اللسان في الكلام. وكذلك رياضة البصر. وكذلك رياضة المشي بالتدريج شيئا فشيئا.
وأما ركوب الخيل ، ورمى النشاب ، والصراع والمسابقة على الاقدام ـ فرياضة للبدن كله ، وهى قالعة لامراض مزمنة : كالجذام والاستسقاء والقولنج.
ورياضة النفوس : بالتعلم والتأدب ، والفرح والسرور ، والصبر والثبات والاقدام ، والسماح وفعل الخير ، ونحو ذلك : مما ترتاض به النفوس. ومن أعظم رياضتها : الصبر
__________________
(١) بالزاد ١٤٥ : منها. وكل صحيح.
(٢) كذا بالأصل. وهو الظاهر. وفى الزاد : ويبتدئ بها. ولعله تصحيف.