أمرت أن تعتزلها. يعنى : في الحيض ». وقال علي بن طلحة عنه : « يقول : في الفرج ، ولا تعده إلى غيره ».
وقد دلت الآية على تحريم الوطئ في دبرها ، من وجهين :
( أحدهما ) : أنه إنما أباح إتيانها في الحرث ـ وهو موضع الولد ـ لا في الحش الذي هو موضع الأذى. وموضع الحرث هو المراد من قوله : ( من حيث أمركم الله ) الآية. قال تعالى (١) : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ). وإتيانها في قبلها من دبرها ، مستفاد من الآية أيضا. لأنه قال : ( أنى شئتم ) ، أي من حيث شئتم ، من أمام ، أو من خلف. قال ابن عباس : « ( فأتوا حرثكم ) يعنى : الفرج ».
وإذا كان الله حرم الوطئ في الفرج ، لأجل الأذى العارض ـ : فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل ، والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء ، إلى أدبار الصبيان.
( وأيضا ) : للمرأة (٢) حق على الزوج في الوطئ ، وطؤها في دبرها يفوت حقها ، ولا يقضى وطرها ، ولا يحصل مقصودها.
( وأيضا ) : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له ، وإنما لذي هيئ له الفرج. فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا.
( وأيضا ) : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء : من الفلاسفة وغيرهم. لان للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن ، وراحة الرجل منه. والوطئ في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن : لمخالفته للامر الطبيعي.
( وأيضا ) : يضر من وجه آخر ، وهو : إحواجه إلى حركات متعبة جدا ، لمخالفته للطبيعة.
( وأيضا ) : فإنه محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه.
__________________
(١) هذا لم يرد بالزاد.
(٢) بالزاد : فللمرأة.