أو غيرهما ـ أن يحلق رأسه في الاحرام : استفراغا لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه ، باحتقانها تحت الشعر. فإذا حلق رأسه ففتحت المسام ، فخرجت تلك الأبخرة منها ـ : فهذا الاستفراغ ، يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه.
والأشياء التي يؤذى انحباسها ومدافعتها عشرة : الدم إذا هاج ، والمنى إذا تتابع (١) ، والبول ، والغائط ، والريح ، والقئ ، والعطاس ، والنوم ، والجوع ، والعطش. وكل واحد ـ من هذه العشرة ـ يوجب حبسه داء من الأدواء بحبسه. وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها ـ وهو : البخار المحتقن في الرأس. ـ على استفراغ ما هو أصعب منه ، كما هي طريقة القرآن : التنبيه بالأدنى على الاعلى.
وأما الحمية ، فقال تعالى في آية الوضوء : ( وإن كنتم مرضى ، أو على سفر ، أو جاء أحد منكم من الغائط ، أو لامستم النساء ، فلم تجدوا ماء ، : فتيمموا صعيدا طيبا ) ، فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب : حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه. وهذا تنبيه على الحمية عن كل مؤذله من داخل أو خارج.
فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطب الثلاثة ، ومجامع قواعده.
ونحن نذكر هدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك ، ونبين أن هديه فيه أكمل هدى.
فأما طب القلوب ، فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم (٢) فإن صلاح القلوب : أن تكون عارفة بربها وفاطرها ، وبأسمائه وصفاته ، وأفعاله وأحكامه ، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ولمحابه ، متجنبة لمناهيه ومساخطه. ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرسل. وما يظن ـ : من حصول صحة القلب بدون اتباعهم. ـ فغلط ممن يظن ذلك. وإنما ذلك : حياة نفسه البهيمية الشهوانية ، وصحتها وقوتها. وحياة قلبه وصحته وقوته عن ذلك بمعزل.
__________________
(١) كذا في الأصل. وفى الزاد : « سبغ ».
(٢) إن الايمان بالله وبرسله ، والعقيدة الراسخة ـ لمن أهم علاج حالات مرض القلوب ، أي : المرض النفسي. اه د.