وقال بعض الحكماء : « من أراد الصحة : فليجود الغذاء ، وليأكل على نقاء ، وليشرب على ظمإ (١) وليقلل من شرب الماء ، ويتمدد بعد الغداء ، ويتمش (٢) بعد العشاء ، ولا ينم (٣) حتى يعرض نفسه على الخلاء ، وليحذر دخول الحمام عقيب الامتلاء. ومرة في الصيف خير من عشر (٤) في الشتاء ، وأكل القديد اليابس بالليل معين على الفناء ، ومجامعة العجائز تهرم أعمار الاحياء ، وتسقم أبدان الأصحاء ». ويروى هذا عن علي كرم الله وجهه. ولا يصح عنه ، وإنما بعضه من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب ، وكلام غيره (٥).
وقال الحرث : « من سره البقاء ـ : ولا بقاء ـ فليباكر الغداء (٦) ، وليعجل (٧) العشاء ، وليخفف الرداء ، وليقل (٨) غشيان النساء ».
وقال الحرث : « أربعة أشياء تهدم البدن : الجماع (٩) على البطنة ، ودخول الحمام على الامتلاء ، وأكل القديد ، وجماع العجوز ».
ولما احتضر الحرث : اجتمع إليه الناس ، فقالوا : مرنا بأمر ننتهي إليه من بعدك. فقال : « لا تتزوجوا من النساء إلا شابة ، ولا تأكلوا من الفاكهة إلا في أوان نضجها ، ولا يتعالجن أحدكم ما احتمل بدنه الداء. وعليكم بتنظيف المعدة في كل شهر : فإنها مذيبة للبلغم ، مهلكة للمرة ، منبتة للحم. وإذا تغدى (١٠) أحدكم : فلينم على إثر غدائه (١٠) ساعة. وإذا تعشى : فليمش أربعين خطوة ».
__________________
(١) كذا بالزاد وطبقات الأطباء ١ / ١١٢. وبالأصل : ظماء. وهو محرف عنه أو عن « إظماء ». انظر : المصباح.
(٢) كذا بالزاد وهو الصواب. وبالأصل : « الغذاء ويتمشى ». وبالطبقات : « الغداء ويتمشى ».
(٣) بالطبقات : يبيت. وبالأصل والزاد : ينام. والملائم ما أثبتنا.
(٤) كذا بالزاد والطبقات. وبالأصل : عشرة : وهو تحريف.
(٥) راجع الطبقات.
(٦) كذا بالطبقات. وصحف في الأصل والزاد بالذال.
(٧) في رواية أخرى بالطبقات : « فليكر » ، أي فليؤخر. وما هنا أصح.
(٨) بالأصل زيادة « من ». وحذفها أولى على ما في القاموس : ٤ / ٤٠.
(٩) بالطبقات : الغشيان. والمعنى واحد.
(١٠) كذا بالزاد ١٩٧. وصحف في الأصل بالذال.