السليمة ، بطريق القياس والتنبيه والايماء ، كما هو في كثير من مسائل فروع الفقه. ولا تكن ممن إذا جهل شيئا عاداه.
ولو رزق العبد تضلعا من كتاب الله وسنة رسوله ، وفهما تاما في النصوص ولوازمها ـ : لاستغني بذلك عن كل كلام سواه ، ولاستنبط جميع العلوم الصحيحة منه.
فمدار العلوم كلها على معرفة الله وأمره وخلقه. وذلك مسلم إلى الرسل صلوات الله عليهم وسلامه : فهم أعلم الخلق بالله وأمره وخلقه ، وحكمته في خلقه وأمره.
وطب أتباعهم أصح وأنفع من طب غيرهم. وطب أتباع خاتمهم وسيدهم وإمامهم ـ : محمد بن عبد الله ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم. ـ أكمل الطب وأصحه وأنفعه.
ولا يعرف هذا إلا من عرف طب الناس سواهم وطبهم ، ثم قارن (١) بينهما. فحينئذ : يظهر له التفاوت. وهم أصح الأمم عقولا وفطرا ، وأعظمهم علما ، وأقربهم في كل شئ إلى الحق. لانهم خيرة الله في الأمم ، كما رسولهم خيرته من الرسل. والعلم الذي وهبهم إياه ، والحلم والحكمة ـ أمر لا يدانيهم فيه غيرهم.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده ـ من حديث بهز بن حكيم ، عن أبيه عن جده رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « أنتم توفون (٢) سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله ».
فظهر أثر كرامتها على الله سبحانه : في علومهم وعقولهم ، وأحلامهم وفطرهم. وهم الذين عرضت عليهم علوم الأمم قبلهم وعقولهم ، وأعمالهم ودرجاتهم ـ فازدادوا بذلك علما وحلما وعقولا ، إلى ما أفاض الله سبحانه (وتعالى) (٣) عليهم : من علمه وحلمه.
ولذلك كانت الطبيعة الدموية لهم ، والصفراوية لليهود ، والبلغمية للنصارى.
__________________
(١) بالزاد ١٩٩ : وازن.
(٢) أي : تتمون. كما في الفتح الكبير. ١ / ٤٣١. وانظر : النهاية ٤ / ٢٢٣.
(٣) هذه الزيادة والزيادات الآتية ، كلها عن الزاد ١٩٩.