وعليه حمل كلام ( أ ) بقراط في قوله : إن أصحاب ذات الجنب ينتفعون بالحمام. وقيل : المراد به كل من به وجع جنب ، أو وجع رئة من سوء مزاج ، أو من أخلاط غليظة أو لذاعة ، من غير ورم ولا حمى ».
قال بعض الأطباء : وأما معنى ذات الجنب ، في لغة اليونان ، فهو : ورم الجنب الحار ، وكذلك : ورم كل واحد من الأعضاء الباطنة. وإنما سمى ذات الجنب ورم ذلك العضو : إذا كان ورما حارا فقط. ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة أعراض ، وهى : الحمى ، والسعال ، والوجع الناخس ، وضيق النفس ، والنبض المنشاري (١).
والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم ، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة. فإن القسط البحري ـ وهو : العود الهندي ، على ما جاء مفسرا في أحاديث أخر ـ صنف من القسط : إذا دق دقا ناعما ، وخلط بالزيت المسخن ، ودلك به مكان الريح المذكور ، أو لعق ـ : كان دواء موافقا لذلك ، نافعا له ، محللا لمادته ، مذهبا لها ، مقويا للأعضاء الباطنة ، مفتحا للسدد. والعود المذكور في منافعه كذلك. قال المسيحي : « العود حار يابس قابض ، يحبس البطن ، ويقوى الأعضاء الباطنة ، ويطرد الريح ، ويفتح السدد ، نافع من ذات الجنب ، ويذهب فضل الرطوبة. والعود المذكور جيد للدماغ. قال : ويجوز أن ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقية أيضا : إذا كان حدوثها عن مادة بلغمية ، لا سيما في وقت انحطاط العلة. والله أعلم ».
وذات الجنب : من الأمراض الخطرة. وفى الحديث الصحيح عن أم سلمة ، أنها قالت : « بدأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمرضه : في بيت ميمونة ، وكان كلما خف عليه : خرج وصلى بالناس ، وكان كلما وجد ثقلا ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس. واشتد شكواه حتى (٢) غمر. ومن شدة الوجع ، اجتمع عنده نساؤه ، وعمه العباس ، وأم الفضل بنت
__________________
(١) هذا الوصف ينطبق على الوجع الصدري : نتيجة التهاب الرئة. ويعالج الآن بالأدوية المضادة للميكروبات ، مثل : أقراص السلفا ، وجقن الينسلين. اه د.
(٢) كذا بالأصل. وفى الزاد ص ٩٠ : « ثدي عمر .. فاجتمع ». وهو تصحيف وتحريف.
(٥ ـ الطب النبوي)