عليه صلىاللهعليهوسلم كأنواع الأمراض ، مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته. وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشئ ولم يفعله ، فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شئ من صدقه ، لقيام الدليل والاجماع على عصمته من هذا. وإنما هذا فيما يجوز طروه (١) عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ، ولافضل من أجلها ، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر. فغير بعيد : أنه يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له ، ثم ينجلى عنه كما كان ».
والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض. وقد روى عنه نوعان : ( أحدهما ) ـ وهو أبلغهما ـ : استخراجه وتبطيله : كما صح عند صلىاللهعليهوسلم : « أنه سأل ربه سبحانه في ذلك ، فدل عليه. فاستخرجه من بئر. فكان في مشط ومشاطة ، وجف طلعة ذكر. فلما استخرجه : ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال ». فهذا من أبلغ ما يعالج به المطبوب. وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ.
( والنوع الثاني ) : الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر. فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها ، وتشويش مزاجها ، فإذا ظهر أثره في عضو ، وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو ـ : نفع جدا.
وقد ذكر أبو عبيد في كتاب « غريب الحديث » له ـ بإسناده عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ـ : « أن النبي صلىاللهعليهوسلم احتجم على رأسه بقرن حين طب » ، قال أبو عبيد : « معنى (طب) أي : سحر ».
وقد أشكل هذا على من قل علمه ، وقال : ما للحجامة والسحر؟ وما الرابطة بين هذا الداء وهذا الدواء؟ ولو وجد هذا القائل أبقراط وابن سينا أو غيرهما ، قد نص على هذا العلاج ـ : لتلقاه بالقبول والتسليم ، وقال : قد نص عليه من لا نشك في معرفته وفضله.
__________________
(١) كذا بالزاد ١٠٤. وفى الأصل : « طرده ». وهو تصحيف