كأمة التحيت والسّمريان والهون ، وكثيرا ما أغاروا على بلاد الصين وآسيا الغربية التي كانت مقر الأنبياء.
ثم لم يزالوا فى حدود بلادهم لا يتجاوزونها بعد زمن النبوة ، إلى أن ظهر فيهم الداهية الرحالة (تموجين) الذي لقب نفسه (جنكيزخان ـ ملك العالم) بلغة المغول ؛ فخرج فى أوائل القرن السابع من الهجرة من الهضبات المرتفعة والجبال الشاهقة التي فى آسيا الوسطى ، فأخضع الصين الشمالية أولا ، ثم ذهب إلى البلاد الإسلامية فأخضع السلطان قطب الدين بن أرميلان من الملوك السلجوقية ملك خوارزم ، وفعل بهذه الدولة من الفظائع ما لم يسمع بمثله فى التاريخ.
ولما مات جنكيزخان قام مقامه ابنه (أقطاى) وأغار ابن أخيه (باتو) على بلاد الروس سنة ٧٢٣ ه ودمر بولنيا وبلاد المجر وأحرق وخرّب.
وبعد أن مات أقطاى قام مقامه (جالوك) فحارب الروم وألزم ملكها دفع الجزية ثم مات (جالوك) فقام مقامه ابن أخيه (منجو) فكلّف أخويه (كيلاى) و (هولاكو) أن يستمرا فى طريق الفتح ، فأخضع كيلاى بلاد الصين ، وزحف هولاكو على الممالك الإسلامية ومقر الخلافة العباسية ، وكان الخليفة إذ ذاك المستعصم بالله ، فأخذ بغداد عنوة فى أواسط القرن السابع من الهجرة ، وأسلمت للسلب والنهب سبعة أيام سالت فيها الدماء أنهارا ، وطرحوا كتب العلم فى دجلة وجعلوها جسرا يمرون عليه بخيولهم وبذلك انتهت الخلافة العباسية ببغداد.
ولما استولت ذرية جنكيزخان على آسيا كلها وأوربا الشرقية ، اقتسموا بينهم ما فتحوه ، وأنشئوا أربع ممالك ، فاختصت أسرة كيلاى بالصين والمغول ، وملك جافاقاى أخو أقطاى تركستان ، وملكت ذرية باطرخان البلاد التي على شواطىء نهر فلجا ، وصارت الروسيا تدفع لها الجزية زمنا طويلا ، وأخذ هولاكو بلاد الفرس وبغداد حتى بلاد الشام ـ وقد لخصنا ذلك من دائرة المعارف وابن خلدون وابن مسكويه ورسائل إخوان الصفا.