أي وانظر إلى هذا المعبود بزعمك الذي عكفت على عبادته ، لنبردنّه بالمبرد ثم لنذرينه فى البحر إذا صار سحالة كذرات الهباء.
ولقد برّ موسى فى قسمه وفعل ما أوعده به كما يدل على ذلك قوله (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ) ولم يصرح بهذا تنبيها إلى وضوحه واستحالة الخلف فى وعيده المؤكد باليمين.
وفى فعله ذلك به عقوبة للسامرى ، وإظهار لغباوة المفتونين به لمن له أدنى نظر.
وبعد أن فرغ من إبطال الباطل شرع فى تحقيق الدين الحق فقال :
(إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي ليس هذا بإلهكم ، وإنما المستحق للعبادة والتعظيم الله الذي لا إله إلا هو ، ولا تنبغى العبادة إلا له ، فكل شىء فقير إليه ، وهو الخالق لكل شىء.
(وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أي هو العالم بكل شىء وقد أحاط بكل شىء عدّا ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين.
(كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (١٠٤))
تفسير المفردات
ذكرا : أي قرآنا كما قال : «يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ» وسمى بذلك ، لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم ، والوزر : الحمل الثقيل ؛