(وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ) أي وهكذا نعاقب من أسرف ، فعصى ربه ولم يؤمن برسله وكتبه ، فنجعل له معيشة ضنكا.
أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس أنه قال فى الآية : يقول كل مال أعطيته عبدا من عبادى قلّ أو كثر لا يتقينى فيه فلا خير فيه وهو الضنك فى المعيشة.
وعن عكرمة ومالك بن دينار نحوه ، وقيل إن تلك المعيشة له فى القبر بأن يعذّب فيه ، وقد روى ذلك عن جماعة منهم ابن مسعود وأبو سعيد الخدرىّ ومجاهد ، وروى ذلك مرفوعا أيضا
فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن حبّان وابن مردويه عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «المؤمن فى قبره فى روضة خضراء ، ويرحب له قبره سبعين ذراعا ، ويضىء حتى يكون كالقمر ليلة البدر ، وهل تدرون فيم أنزلت (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً)؟ قالوا : الله ورسوله اعلم ، قال عذاب الكافر فى قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ، هل تدرون ما التنين؟ تسعة وتسعون حية لكل حية سبعة رءوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون فى جسمه إلى يوم يبعثون».
وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن زيد قال : المعيشة الضنك فى النار شوك وزقّوم وغسلين وضريع ، وليس فى القبر ولا فى الدنيا معيشة ، وما المعيشة والحياة إلا فى الآخرة.
(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) أي ولعذاب الآخرة فى النار أشد مما نعذبهم به فى الدنيا وأكثر بقاء ، لأنه لا أمد له ولا نهاية.
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢))