(لَعَلَّكَ تَرْضى) أي سبحه رجاء أن تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك من الثواب ونحو الآية قوله تعالى : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» وفى الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : «يقول الله تعالى : يا أهل الجنة فيقولون : لبّيك ربنا وسعديك ، فيقول هل رضيتم؟ فيقولون ربنا ومالنا لا ترضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول إنى أعطيكم أفضل من ذلك ، فيقولون وأىّ شىء أفضل من ذلك؟ فيقول : أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم بعده أبدا» ولما صبّر رسوله على ما يقولون وأمره بالتسبيح ـ أتبع ذلك بنهيه عن مدّ عينيه إلى ما متّعوا به من زينة الدنيا فقال : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي ولا تطل النظر استحسانا ورغبة فيما متّع به هؤلاء المترفون من النعيم ، فإنما هو زهرة زائلة ، ونعمة حائلة ، نختبرهم بها ، ونعلم هل يؤدون شكرها أو تكون وبالا عليهم ونكالا لهم ، وقد آتاك ربك خيرا مما آتاهم ، فرضاه خير وأبقى كما قال : «وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ».
وخلاصة هذا ـ التنفير من الانهماك فى التمتع بزهرة الدنيا لسوء عاقبتها.
وبعد أن أمر الله نبيه بتزكية النفس أمره أن يأمر أهله بالصلاة فقال :
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) أي وأمر أهلك أيها الرسول بالصلاة ، وحافظ أنت عليها فعلا ، فإن الوعظ بالفعل أشد أثرا منه بالقول كما قال :
يا أيها الرجل المعلم غيره |
|
هلّا لنفسك كان ذا التعليم |