تعليمه مما يقرّبه إلى ربه ، ويلين له قلبه ، ولا يشق عليه فعله مشقة كبيرة كالصلاة والزكاة والجهاد ونحوها.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً. حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) أي ثم قفل راجعا من مغرب الشمس وسلك طريقا موصلا إلى مشرقها ، حتى إذا بلغ الموضع الذي تطلع عليه الشمس أوّلا من المعمور ، وجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يكنّهم ، ولا أشجار تظلهم وتسترهم عن حر الشمس ، فليس لهم سقوف ولا جبال تمنع من وقوع أشعة الشمس عليهم ، لأن أرضهم لا تحمل بنيانا ، بل لهم سروب يغيبون فيها حين طلوع الشمس ، ويظهرون حين غروبها ، فهم حين طلوع الشمس يتعذر عليهم التصرف فى المعاش ، وحين غروبها يشتغلون بتحصيل مهماتهم ، وأحوالهم على الضد من أحوال الناس.
وخلاصة ذلك ـ إنه بلغ غاية المعمور من الأرض جهة المشرق ووجد قوما لا لباس لهم ولا بناء ، فهم عراة فى العراء أو فى سراديب فى الأرض.
(كَذلِكَ) أي إن أمر ذى القرنين كما وصفنا من قبل من بلوغه طرفى المشرق والمغرب ، ومن فعله الأفاعيل التي ذكرت ، فهو قد بلغ الغاية فى رفعة الشأن وبسطة الملك مما لم يتح لكثير غيره.
(وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) أي ونحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه لا يخفى علينا شىء منها وإن تفرّقت أممهم وتقطعت بهم الأرض كما قال «لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ».
وخلاصة ذلك ـ إنه كما وصف ، وفوق ما وصف ، بما لا يحيط بعلمه إلا اللطيف الخبير.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) أي ثم سلك طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من مطلع الشمس إلى الشمال.
(حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً)