والهز : تحريك الشيء بعنف أو بدونه ، تساقط : أي تسقط ، ورطبا : أي بسرا ناضجا جنيا : أي صالحا للاجتناء ، فقولى : أي أشيرى إليهم. قال الفرّاء : العرب تسمى كل ما أفهم الإنسان شيئا ـ كلاما بأى طريق كان ، إلا إذا أكد بالمصدر فيكون حقيقة فى الكلام كقوله : «وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً» صوما : أي صمتا.
الإيضاح
(فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) أي فلما قال لها جبريل ما قال : استسلمت لقضاء الله ، فنفخ جبريل فى جيب درعها (الفتحة التي من الأمام فى القميص) فدخلت النفخة فى جوفها فحملته قاله ابن عباس ، وقال غيره : نفخ فى كمها ، والقرآن قد أثبت النفخ فقال : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا)» ولم يعين موضع النفخ فلا نجزم بشىء من ذلك إلا بالدليل القاطع ، وحينئذ اعتزلت بالذي حملت وهو عيسى عليه السلام مكانا قاصيا عن الناس.
والقرآن الكريم لم يعين مدة الحمل (ولا حاجة إليها فى العبرة) فنقول إنها كانت كما يكون غيرها من النساء إلا إذا ثبت غيره ، وكذلك لا حاجة إلى تعيين سنها حينئذ ، إذ لا يتعلق به كبير فائدة.
وإنما اتخذت المكان البعيد حياء من قومها وهى من سلائل بيت النبوة ، ولأنها استشعرت منهم اتهامها بالريبة ، فرأت أن لا تراهم وأن لا يروها.
(فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) أي فألجأها وجع الولادة وألم الطلق أن تستند إلى جذع النخلة للتشبث به ، لسهولة الولادة ، وتمنت أن لو كانت ماتت قبل هذا الوقت الذي لقيت فيه ما لقيت ، حياء من الناس وخوفا من لأئمتهم ، أو كانت شيئا لا يعتد به ولا يخطر ببال أحد من الناس.