رحمتك ، وعمّته نعمتك ، ولا ريب فى أن من أطاع العاصي يكون عاصيا وجديرا بأن تسترد منه النعم ، وحقيقا بأن تنزل عليه النقم.
ثم حذره من سوء عاقبة ما هو فيه من عبادة الأصنام فقال :
(يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) أي يا أبى إنى أخاف لمحبتى لك ، وغيرتى عليك ، أن يصيبك عذاب من الرحمن على شركك وعصيانك.
(فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) أي قرينا وتابعا له فى النار.
وقصارى ذلك ـ إنى أخاف أن تكون تابعا للشيطان فى الدنيا ، فيمسّك عذاب من الرحمن فى العقبى.
ولما دعا إبراهيم أباه إلى التوحيد ، وذكر الدلائل على فساد عبادة الأوثان ، وأردف ذلك بالوعظ واللطف ، قابله أبوه بجواب هو على الضد من ذلك.
(قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ؟) أي أتكره آلهتي ، ولا ترغب فى عبادتها يا إبراهيم؟.
(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) أي لئن لم تنته عما أنت فيه من النهى عن عبادتها والدعوة إلى ما دعوتنى إليه ، لأرجمنك بالحجارة ، فاحذرنى وابعد عنى بالمفارقة من الدار والبلد دهرا طويلا.
وقد قابل الأب رفق الابن بالعنف ، فلم يقل يا بنى كما قال الابن يا أبت ، وقابل وعظه بالسفاهة ، إذ هدده بالشتم أو بالضرب بالحجارة بقوله : لئن لم تنته لأرجمنك.
وفى ذلك تسلية للنبى صلّى الله عليه وسلّم وتأسية له بإبراهيم فيما كان يلقى من الأذى من قومه ويقاسيه منهم ومن عمه أبى لهب من العنت والمكروه.
ولما سمع إبراهيم عليه السلام كلام أبيه أجابه بأمرين :
(١) (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ) أي سلمت منى لا أصيبك بمكروه ما لم أومر فيك بشىء ، وهذا جواب الحليم للسفيه ، وفيه توديع ومتاركة ومقابلة للسيئه بالحسنة ، وزاد على ذلك أن قال :