المعنى الجملي
قدم الكلام فى موسى على الكلام فى إسماعيل ليكون الحديث عن يعقوب وبنيه فى نسق واحد دون فاصل بينهما ، وإسماعيل هو إسماعيل بن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ، وقد أثنى عليه ربه بما هو أهله ووصفه بصفات هى مفخرة البشر ومنتهى السموّ والفضل فى هذه الدنيا.
الإيضاح
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) أي اتل أيها الرسول على قومك صفات أبيهم إسماعيل ، علّهم يهتدون بهديه ، ويحتذون حذوه ، ويتخلقون بمثل ما له من مناقب وفضائل منها :
(١) (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) فما وعد عدة إلا وفّى بها ، حتى وعد أباه بالصبر على الذبح فقال : «سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» فصدق فى ذلك ووفّى بما قال وامتثل حتى جاءه الفداء.
وصدق الوعد من الصفات التي حث عليها الدين ، وشدد فيها أيّما تشديد فقال تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ؟» وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف. وإذا اؤتمن خان» وقد فقدت هذه الصفة من كثير من المسلمين ، فلا تجد عالما ولا جاهلا إلا وهو بمنأى عنها ولا سيما التجار والصناع والعمال.
(٢) (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) أي وكان رسولا إلى جرهم الذين حلّوا بمكة معه ومع أمه ، وكان مرسلا من الله بتبليغ شريعة إبراهيم ، فنبأ بها قومه وأنذرهم وخوفهم ومن هذا يعلم أن الرسول لا يجب أن ينزل عليه كتاب مستقل.