ويرى بعض الباحثين فى الآثار المصرية أن إدريس تعريب لكلمة (أوزريس ـ أموريس) وهو الذي ألف له المصريون القدماء رواية خلّدت فى بطون تواريخهم ، ومنها أنه حصل بينه وبين أخيه تحاسد وشقاق أدى إلى قتله وتقطيعه إربا إربا ، فجمعت امرأته تلك القطع وحفظتها وحنطتها ، واتخذوه إلها بعد أن كان مصلحا عظيما.
وهذا القصص الخرافى جعل المصريين يعنون بتحنيط الموتى ، وقد أفاد هذا العمل صناعة التحنيط ورقّاها حتى صارت مضرب الأمثال فى الخافقين.
وقد كان الملك والدين فى عهد تلك الدولة أمرا واحدا ، فالملك يجمع بين شئون الدين والدنيا ، فمن عصى الملك فقد عصى الله.
ويعتقدون أن أوزريس صعد إلى السماء وصار إلى العالم العلوي وله عرش عظيم فى السماء ، ويتمتع بأعظم الخيرات ، وكل من حفظ جسمه ووزنت أعماله بعد الموت وحكم القضاة وهم اثنان وأربعون قاضيا بأن حسناته غلبت سيئاته ـ يلحق بأوزريس وهذا النبي الذي جعلوه إلها بعد ذلك هو الذي علمهم العلوم والمعارف وينسبون الفضل فى ذلك إليه.
وقد ارتقت الأمة المصرية فى العلوم والمعارف إلى حد لم تصل إليه أمة أخرى لا فى القديم ولا فى الحديث ، وخدمت النوع البشرى خدمة جليلة ، فارتفاع إدريس إلى السماء راجع إلى رقى تعاليمه وانتفاع أمته بها ، فالنبى بأمته ، ومن ثم تجد آثار أمته بادية للعيان ، بعد أن كانت خافية عن الأنظار.
وبعد أن ذكّر الله أولئك المرسلين أخذ يعدد مناقبهم ويذكر صفاتهم فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨))