وكان هرم بن حيّان يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه ، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.
وخلاصة ذلك ـ سيجعل الله للمؤمنين الذين يعملون الصالحات مودة فى القلوب يزرعها لهم من غير تودد منهم ، ولا تعرّض للأسباب التي يكتسب بها الناس مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع معروف.
وقد خصهم الله بهذه الكرامة كما : قذف الرعب فى قلوب أعدائهم منهم إعظاما لهم وإجلالا لمكانهم.
ثم ذكر الحكمة فى إنزال القرآن بلغة العرب فقال :
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) أي فإنما سهلنا نزول القرآن بلغتك العربية لتقرأه على الناس وتبشر به من اتقى عقاب الله ، فأدى فرائضه واجتنب نواهيه ، بأن له الجنة ، وتنذر به من عصاه من قريش ، وهم أهل اللدد والجدل بالهوى ممن لا يقبل حقا ، ولا يحيد عن باطل.
وقصارى ذلك ـ بلّغ هذا المنزّل وبشر به وأنذر فإنما أنزلناه بلسانك العربي المبين ، ليسهل على الناس فهمه ثم ختم السورة بتلك العظة البالغة فقال :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً؟) أي وقد أهلكنا كثيرا من الأمم قبل هولاء المعاندين ، حين سلكوا فى خلافى مسلك هؤلاء ، وركبوا معاصىّ ، فهل تحس منهم أحدا فتراه وتعاينه أو تسمع له صوتا؟ لا ـ إنهم بادوا وخلت منهم الديار ، وأقفرت المنازل ، وصاروا إلى دار لا ينفع فيها إلا صالح العمل ، وإن قومك لصائرون إلى مثل ما صاروا إليه ، إن لم يعاجلوا التوبة قبل الهلاك.