(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) أي هو الرحمن الذي على عرشه ارتفع وعلا ، وقد تقدم إيضاح هذا فى سورة الأعراف ببسط وإطناب.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) أي له ما فى السموات والأرض وما بينهما ملكا وتدبيرا وتصرفا ، وله ما واراه التراب وأخفاه من المعادن والفلزّات وغيرها.
(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) أي وإن تجهر بدعاء الله وذكره ، فاعلم أنه تعالى غنىّ عن جهرك ، لأنه يعلم ما أسررته إلى غيرك ولم ترفع به صوتك ، وأخفى منه مما تخطره ببالك دون أن تنفوّه به.
والدعاء والذكر باللسان إنما شرعا ليتصور الداعي والذاكر المعنى فى نفسه ، لا ليسمع صوته ، ولا فضل للنطق والجهر به إلا فى منع الشواغل الشاغلة عن حضور المعاني فى القلوب كما قال تعالى : «وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» ونحو الآية قوله : «وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ».
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي إن ما ذكر من صفات الكمال التي تقدمت ليس بأهل لها إلا ذلك المعبود الحق الذي لا رب غيره ولا إله سواه ، وله الصفات الحسنى الدالة على التقديس والتمجيد ، والأفعال التي هى غاية فى الحكمة والسداد.
قصص موسى عليه السلام
(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦))