وخوّفهم عذاب الله وعقابه الذي ينزله بهم إن هم أقدموا على هذا الفعل ، لكنهم كذبوه ولم يستمعوا لنصحه كما أشار إلى ذلك بقوله :
(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) أي إنهم لم يتورّعوا عن تكذيبه ، ولم يحجموا عن عقر الناقة ، ولم يبالوا بما أنذرهم به من العذاب وأليم العقاب.
وقد تقدم أن قلنا : إنهم لما رضوا بهذا الفعل نسب إليهم جميعا ، وكأنهم صنعوه معه.
ثم بين عاقبة عملهم وذكر ما يستحقونه من الجزاء فقال :
(فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ) أي فأطبق عليهم العذاب ، وأهلكهم هلاك استئصال ولم يبق منهم ديّارا ولا نافخ نار ، كما أشار إلى ذلك بقوله :
(فَسَوَّاها) أي فسوّى القبيلة فى العقوبة ولم يفلت منها أحد ، بل أخذ بها كبيرهم وصغيرهم ، ذكرهم وأنثاهم : «وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ».
وقد يكون المعنى ـ جعل الأرض فوقهم مستوية كأن لم تثر ، ودمّر مساكنها على ساكنيها.
(وَلا يَخافُ عُقْباها) أي إن الله أهلكهم ولا يخاف عاقبة إهلاكهم ، لأنه لم يظلمهم فيخيفه الحق ، وليس هو بالضعيف حتى يناله منهم مكروه ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
والمراد أنه بالغ فى عذابهم إلى غاية ليس فوقها غاية ، فإن من يخاف العاقبة لا يبالغ فى الفعل ، أما الذي لا يخاف العاقبة ولا تبعة العمل فإنه يبالغ فيه ليصل إلى ما يريد.
وقد علمت أن القصص مسوق لتسلية رسوله بأنه سينزل بالمكذبين به مثل ما أنزل بثمود ، ولقد صدق الله وعده ، فأهلك من أهلك من أهل مكة فى وقعة