بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والصحف : واحدها صحيفة : وهى ما يكتب فيه ، مطهرة : أي مبرأة من الزور والضلال ، والقيمة : المستقيمة التي لا عوج فيها لاشتمالها على الحق ، والبينة : الثابتة الدليل ، والإخلاص : أن يأتى بالعمل خالصا له تعالى ، لا يشرك به سواه ، الدين : العبادة ، وإخلاص الدين لله : تنقيته من أدران الشرك ، حنفاء : واحدهم حنيف ، وهو فى الأصل المائل المنحرف ؛ والمراد به المنحرف عن الزيغ إلى إسلام الوجه لله ، والبرية : الخليقة ، خشى الله : أي خاف عقابه.
المعنى الجملي
كان اليهود والنصارى من أهل الكتاب فى ظلام دامس من الجهل بما يجب الاعتقاد به والسير عليه من شرائع أنبيائهم ، إلا من عصم الله ، لأن أسلافهم غيروا وبدّلوا فى شرائعهم ، وأدخلوا فيها ما ليس منها ، إما لسوء فهمهم لما أنزل على أنبيائهم ، وإما لاستحسانهم ضروبا من البدع توهموها مؤيدة للدين ، وهى هادمة لأركانه ، وإما لإفحام خصومهم ، والرغبة فى الظفر بهم.
وقد توالت على ذلك الأزمان ، وكلما جاء جيل زاد على ما وضعه من قبلهم حتى خفيت معالم الحق ، وطمست أنوار اليقين.
وكان إلى جوار هؤلاء عبدة الأوثان من العرب وغيرهم ممن مرنت نفوسهم على عبادتها ، والخنوع لها ، وأصبح من العسير تحويلهم عنها ، زعما منهم أن هذا دين الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وكان الجدل ينشب حينا بين المشركين واليهود ، وحينا آخر بين المشركين والنصارى ، وكان اليهود يقولون للمشركين : إن الله سيبعث نبيا من العرب من أهل مكة ، وينعتونه لهم ويتوعدونهم بأنه متى جاء نصروه ، وآزروه ، واستنصروا به عليهم حتى يبيدهم.
قد كان هذا وذاك ، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم قام المشركون يناوئونه