(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) أي وإن الإنسان بسبب محبته للمال وشغفه به وتعلقه بجمعه وادخاره ـ لبخيل شديد فى بخله ، حريص متناه فى حرصه ، ممسك مبالغ فى إمساكه متشدد فيه ، قال طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى |
|
عقيلة مال الفاحش المتشدّد |
ثم هدد الإنسان الذي هذه صفاته وتوعده بقوله :
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ؟. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) أي أفلا يعلم هذا الإنسان المنكر لنعم الله عليه ، الجاحد لفضله وأياديه ـ أنه سبحانه عليم بما تنطوى عليه نفسه ، وأنه مجازيه على جحده وإنكاره يوم يحصّل ما فى الصدور ويبعثر ما فى القبور؟
وقد عبر سبحانه عن مجازاتهم على ما كسبت أيديهم ـ بالخبرة بهم والعلم المحيط لأعمالهم ، وهذا كثير فى الكلام ، تقول لشخص فى معرض التهديد : سأعرف لك عملك هذا مع أنك تعرفه الآن قطعا ، وإنما عرفانه الآتي هو ظهور أثر المعرفة وهو مجازاته بما يستحق ، وقد جاء على هذا النسق قوله تعالى : «سَنَكْتُبُ ما قالُوا» مع أن كتابة أقوالهم حاصلة فعلا ، فالمراد سنجازيهم بما قالوا الجزاء الذي هم له أهل ، والله أعلم.
سورة القارعة
هى مكية ، وآياتها إحدى عشرة ، نزلت بعد سورة قريش.
ومناسبتها لما قبلها ـ أن آخر السابقة كان فى وصف يوم القيامة ، وهذه السورة يأسرها فى وصف ذلك اليوم ، وما يكون فيه من الأهوال.