وقد يكون المراد بالاطلاع المعرفة والعلم ، وكأن هذه النار تدرك ما فى أفئدة الناس يوم البعث ، فتميز العاصي عن المطيع ، والخبيث عن الطيب ، وتفرق بين من اجترحوا السيئات فى حياتهم الأولى ، ومن أحسنوا أعمالهم ، وإنا لنكل أمر ذلك إلى علام الغيوب.
وفى وصفها بالاطلاع على الأفئدة التي أودعت باطن الإنسان فى أخفى مكان منه ـ إشارة إلى أنها إلى غيره أشد وصولا وأكثر تغلبا.
(٢) (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) أي إنها مطبقة عليهم لا يخرجون منها ، ولا يستطيعون الخروج إذا شاءوا ، فهم «كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها».
(٣) (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) قال مقاتل : إلا الأبواب أطبقت عليهم ، ثم شدّت بأوتاد من حديد ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح ا ه.
والمراد بذلك تصوير شدة إطباق النار على هؤلاء وإحكامها عليهم ، والمبالغة فى ذلك ليودع فى قلوبهم اليأس من الخلاص منها.
وعلينا أن نؤمن بذلك ولا نبحث عن كون العمد من نار أو حديد ولا فى أنها تمتد طولا أو عرضا ، ولا فى أنها مشبهة لعمد الدنيا ، بل نكل أمر ذلك إلى الله ، لأن شأن الآخرة غير شأن الدنيا ، ولم يأتنا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم يبين ذلك ، فالكلام فيه قول بلا علم ، وافتراء على الله الكذب.
نسأل الله أن يحفظنا من غضبه ، وبقينا شر النار الموصدة ، بمنه وكرمه.