بين الناس : هو يحمل الحطب بينهم ، كأنه بعمله يحرق ما بينهم من صلات.
وقيل إنها كانت تحمل حزم الشوك والحسك والسّعدان ، وتنثرها بالليل فى طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيذائه.
وقد زاد سبحانه فى تبشيع عملها وتقبيح صورته فقال :
(فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي فى عنقها حبل مما مسد من الحبال أي أحكم فتله ، وقد صوّرها الله بصورة من تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها فى جيدها كبعض الحطّابات الممتهنات احتقارا لها ، واحتقارا لبعلها ، حين اختارت ذلك لنفسها.
وقصارى أمرها ـ إنها فى تكليف نفسها المشقة الفادحة ، للإفساد بين الناس وإيقاد نيران العداوة بينهم ، بمنزلة حاملة الحطب التي فى عنقها حبل خشن تشدّ به ما تحمله إلى عنقها حين تستقلّ به ، وهذه أبشع صورة تظهر بها امرأة تحمل الحطب وهى على تلك الحال.
ويرى بعض العلماء أن المراد بيان حالها وهى فى نار جهنم ، إذ تكون على الصورة التي كانت عليها فى الدنيا ، حين كانت تحمل الشوك إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهى لا تزال تحمل حزمة من حطب النار ، ولا يزال فى جيدها حبل من سلاسلها ، ليكون جزاؤها من جنس عملها ؛ فقد روى عن سعيد بن المسيّب أنه قال : كانت لأم جميل قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنّها فى عداوة محمد ، فأعقبها الله حبلا فى جيدها من مسد النار.
نسأل الله الوقاية من النار ، والبعد من الصدّ عن دينه وكتابه ، إنه هو السميع العليم.