الإيضاح
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) أي عذاب وخزى شديد يوم القيامة لمن يطفف فى المكيال والميزان.
وقد خص سبحانه المطففين بهذا الوعيد ، من قبل أنه كان فاشيا منتشرا بمكة والمدينة ، فكانوا يطففون المكيال ويبخسونه ولا يوفون حق المشترى.
روى أنه كان بالمدينة رجل يقال له أبو جهينة له كيلان أحدهما كبير والثاني صغير ، فكان إذا أراد أن يشترى من أصحاب الزروع والحبوب والثمار اشترى بالكيل الكبير ، وإذا باع للناس كال للمشترى بالكيل الصغير.
هذا الرجل وأمثاله ممن امتلأت نفوسهم بالطمع ، واستولى على نفوسهم الجثع ـ هم المقصودون بهذا الوعيد الشديد ، وهم الذين توعّدهم النبي صلى الله عليه وسلم وتهددهم بقوله : «خمس بخمس : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا الكيل إلا منعوا النبات ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر».
وقد بين سبحانه عمل المطففين الذي استحقوا عليه هذا الوعيد بقوله :
(الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) أي إذا كان لهم عند الناس حق فى شىء من المكيلات لم يقبلوا أن يأخذوه إلا وافيا كاملا ، وإذا كان لأحد عندهم شىء وأرادوا أن يؤدوه له أعطوه ناقصا غير واف.
واقتصر النظم على الاكتيال حين الاستيفاء ، وذكر الكيل والميزان فيه حين الإخساء ، لأن التطفيف فى الكيل يكون بشىء قليل لا يعبأ به فى الأغلب ، دون التطفيف فى الوزن ، فإن أدنى حيلة فيه يفضى إلى شىء كثير ، ولأن ما يوزن أكثر