(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) أي وإذا رجعوا إلى ذوى قرابتهم وبنى جلدتهم وأشياعهم من أهل الشرك والضلالة ـ رجعوا معجبين بما فعلوا من العيب على أهل الإيمان ورميهم بالسّخف وقلة العقل ، ويقولون : عجبا لهم ، إذ يقولون لا تدعوا إلا إلها واحدا ، ولا تتوجهوا بالطلب إلا إليه ، فأين الأولياء والشفعاء ، فكم ضرّوا وكم نفعوا ـ إلى نحو ذلك مما يتندرون به ويعدونه فكاهة ويتلذذون بحكايته.
(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) أي وإذا رأوا المؤمنين قالوا إن هؤلاء لضالون ، إذ نبذوا ما عليه الكافة ، وذهبوا يعيبون العقائد الموروثة والمناسك التي نقلها الخلف عن السلف ، كابرا عن كابر ، وجيلا بعد جيل.
فرد سبحانه على هؤلاء الكفار فقال :
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) أي إن الله لم يرسل الكفار رقباء على المؤمنين ، ولم يؤتهم سلطة محاسبتهم على أفعالهم ، وتعريف باطلها من صحيحها ، فلا يسوغ لهم أن يعيبوا عليهم ما يعتقدونه ضلالا بعقولهم الفاسدة ، وإنما كلفهم أن ينظروا شئون أنفسهم ، فيعدّلوا منها ما اعوجّ ، فإذا فعلوا ذلك قاموا بما يجب عليهم فى هذه الحياة.
ثم شرع يذكر معاملة المؤمنين لهم يوم القيامة ، تسلية لهم على ما ينالهم منهم من أذى وتقوية لقلوبهم ، وشدّا لعزائمهم على التذرع بالصبر فقال :
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) أي إنهم فى يوم الدين يضحك المؤمنون ضحك من وصل به يقينه إلى مشاهدة الحق فسرّ به ، وينكشف لهم ما كانوا يرجون من إكرام الله لهم وخذلان أعدائهم ، فضحكوا من أولئك المغرورين الجحدة الذين تجلت لهم عاقبة أعمالهم ، وظهر لهم سفه عقولهم وفساد أقوالهم.
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) إلى ما صنع الله بأعدائهم ، وتنكيله بمن كانوا يفخرون عليهم ويهزءون بهم.