فتناول سيفا وجحفة (١) ، فردهم ولم يرجع حتى دمي (٢) سيفه ثم رجع فقعد ، فعاد أهل الشام فدخلوا المسجد فقال : يا ثابت قم فردهم عني ، فقام فردهم حتى أخرجهم من المسجد. فلما قتل ابن الزبير لحق ثابت بعبد الملك بن مروان فأكرمه ، ثم قال له يوما :
فيمن غضب عليك أبوك؟ قال : أشرت عليه أن يخرج من مكة فعصاني وغضب علي ، وكان عبد الملك قد قبض أموال ابن الزبير ، فقال له ثابت : إن رأيت أن تردّ عليّ حصتي من مال أبي فافعل ، فردّها عليه ، فقال ثابت لحمزة : كيف ترى أبا بكر كان صانعا لو رأى هؤلاء قد سلّموا إليّ حصتي من ميراثه من بني ولده ، وكنت أبغضهم إليه؟ فقال : تالله إن كان يحاكمهم إلّا بالسيف.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرئ عنه ، أخبرنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت (٣) ، حدّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش الحكيمي ، حدّثنا عون بن محمد الكندي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا جعفر بن عبيد الله العلوي ، حدّثني أبي عن جده قال : قال عبد الملك بن مروان لثابت بن عبد الله بن الزبير : أبوك كان أعلم بك حيث كان يشتمك ، قال : يا أمير المؤمنين أتدري لم كان يشتمني؟ قال : لا والله قال : إني كنت نهيته أن يقاتل بأهل مكة وأهل المدينة فإن الله لا ينصره بهم ، أما أهل مكة فأخرجوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخافوه ثم جاءوا إلى المدينة فأخرجهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسيرهم يعرّض قوله هذا بالحكم بن أبي العاص حيث نفاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأما أهل المدينة فخذلوا عثمان حتى قتل بينهم لم يروا أن يدفعوا عنه ، فقال عبد الملك لعنك الله ، قال : يستحقها الظالمون ، قال الله عزوجل : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٤) فأمسك عنه (٥).
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم ، أخبرنا أبو الحسن بن موسى السمسار ـ إجازة ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد قال : سمعت أبا الحسن علي بن الأعرابي الملجم يقول :
__________________
(١) الحجفة : ترس مصنوع من جلد ، وقد يكون من جلد لا خشب فيه.
(٢) رسمها بالأصل : «رمى» بالراء ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ٥ / ٣٣٦.
(٣) ضبطت عن تبصير المنتبه.
(٤) سورة هود ، الآية : ١٨.
(٥) الخبر في معجم البلدان «سرغ».