هذه موفورة وينظر ما أخرجت منذ قبضت عنهم إلى هذه الغاية ، فدفع إليهم حاصل غلاتهم. ثم قال : ألك حاجة؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، عليّ دين قد كظّني وأذلّني بكثره وقوّى عليّ أربابه قال : وكم دينك؟ قال : أربعمائة ألف دينار ، قال : وقّع يا ثابت بقضاء دينه. قال : فسأل سبع حوائج قيمتها ألف ألف درهم فو الله ما إن زالت قدمه عن مقرّها حتى قضيت. فامتلأت غيظا وفرت فور المرجل حتى لو أمكنت من لحمه لأكلته. ثم دعا للمأمون. [وخرج] (١) فقال : يا ثابت أتعرف هذا الرجل؟ قلت : فعل الله به وفعل ، فما رأيت والله رجلا أجهل منه ولا أوقح وجها ، فقال : لا تقل ذلك فتظلمه ، فما أدري متى خاطبت رجلا هو أعقل منه ، ولا أعرف بما يخرج من رأسه ، فقصصت عليه قصته أولها وآخرها فقال : هذا من الذي قلت لك ، ثم قال : وأزيدك أخرى ولا أحسبك فهمتها ، قال : قلت : وما هي جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؟ قال : أما رأيت خاتمه في إصبعه اليمنى؟ قال : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٢) أبو عباد ثابت بن يحيى كاتب المأمون.
أخبرنا أبو الفتوح أسامة بن محمد بن زيد العلوي ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ـ إجازة ـ قال : أجاز لنا أبو عبيد الله بن عمر بن موسى المرزباني قال عبد الله بن أبي الجزار ـ وفي نسخة الهداد ـ يقول في أبي عبّاد ثابت بن يحيى بن إسار الرازي وزير المأمون يمدحه (٣) :
إذا ما زمان السوء مال بركنه |
|
علينا عدلناه بإحسان ثابت |
كريم يفوت (٤) الناس سروا وكتبة |
|
وليس الذي يرجوه منه بفائت |
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله العكبري ، أنا أبو يعلى محمد بن الحسن بن محمد بن الفراء ، أنا أبو القاسم بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدّل ، أنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، حدّثني القاسم بن أحمد الكاتب قال : أخبرني حجّاج الكاتب قال : كان حفصوية الكاتب المروزي مع المأمون ففارقه بعد انكفاء المأمون إلى العراق وساءت حاله فلحق به وحجب عنه ، فسأل الحاجب أن يوصل إليه رقعة
__________________
(١) زيادة عن المختصر.
(٢) سورة محمد ، الآية : ٣٠.
(٣) البيتان في الوافي بالوفيات ١٠ / ٤٧٢ ونسبهما لأبي الهداهد.
(٤) الوافي : يفوق.